تنمّر العنصرية الغربية في رمضان
16 رمضان 1439
د. زياد الشامي

لا يمكن التنبؤ بمستوى الانحطاط الذي يمكن أن تصل إليه العنصرية الغربية ضد المسلمين في دول القارة العجوز فالوقائع والأحداث تشير إلى انحدار غير مسبوق  في خطاب الكراهية والتحريض ضد الموحدين و سقوط مدو في مجال حقوق الإنسان والحريات التي ما فتأت دول الاتحاد الأوروبي تتشدق بها خلال عقود خلت من الزمان .

 

 

لا شيء أدل على هذا الانحدار والانحطاط من تواتر الأخبار عن تفاقم العنصرية وتنامي خطاب الكراهية وتزايد دعوات التحريض ضد المسلمين في دول القارة العجوز في شهر الصيام .

 

 

في استراليا وضعت سلطات البلاد قواعد جديدة جعلت من رمضان هذا العام أكثر صعوبة في عيون اللاجئين المسلمين حسب ما نقلت صحيفة نيويورك تايمز , وقد منعت هذه القواعد الزائرين من إحضار وجبات غير معبأة داخل مراكز احتجاز اللاجئين الصائمين .

 

 

المئات من الباحثين عن اللجوء المحتجزين في مراكز أسترالية لم يعودوا قادرين على الحصول على وجبات إفطار اعتاد أعضاء من الجالية الإسلامية على تقديمها للمحتجزين خلال شهر رمضان بعد إعدادها في منازلهم .

 

 

تدعي الحكومة الأسترالية أن القواعد الجديدة ضرورية للحفاظ على صحة وسلامة المعتقلين بينما يؤكد ناشطون أن الإجراء الجديد يفتقد الإنسانية ويأتي في إطار محاولات إبقاء المحتجزين خارج الأنظار العامة .

 

 

مظهر آخر من مظاهر تنمر العنصرية الغربية وانحدارها إلى قاع لا قعر له يتجلى فيما أقدمت عليه الحكومة المجرية التي عملت على صياغة تشريعات قانونية لتجريم مساعدة المهاجرين "غير النظاميين" في سعيهم لطلب اللجوء .

 

 

مشروع القوانين الجديدة بصيغتها الحالية تجعل من مساعدة طالبي اللجوء على ملء نماذج الطلبات أو تقديم الطعام أو المشورة لهم عملا جنائيا يستوجب عقوبة السجن التي تتراوح بين بضعة أيام وسنة حسبما نقلت صحيفة مجر هيرلاب .

 

 

رئيس الوزراء المجري "فيكتور أوربان" الذي وصف المهاجرين المسلمين بالغزاة يمكن أن يمرر هذا القانون العنصري في البرلمان الذي سيصوت عليه الأسبوع القادم نظرا لشغل حزبه ثلثي مقاعده .

 

 

وفي بلجيكا لم تكن بشاعة العنصرية وتغولها على المجتمع المسلم بأحسن حال من مثيلاتها في الدول الغربية , فقد نشر "فيليب ديوينتر" أحد أبرز قادة حزب "المصلحة الفلمنكي" الشهير بسياساته العنصرية واليمينية المتطرفة وباستهدافه المستمر للمجتمع المسلم في البلاد ....... أكثر من 20 منشوراً على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي تحوي عبارات معادية للإسلام في الأيام العشرة الأولى من شهر رمضان .

 

 

مضمون المنشورات العنصرية تمحورت حول الاعتراض على توزيع بلدية مدينة "أنتويرب" وجبات سحور على المسلمين ، والتحريض على إهانة شعيرة الصيام من خلال الدعوة إلى : "شواء في رمضان والقائمة تضم خنزيراً ومشروبات كحولية" .

 

 

وفي هولندا أعلن زعيم حزب "الحريات" المعروف بموقفه المعادي للمسلمين "غيرت فيلدرز" مطلع شهر رمضان المبارك عزمه تنظيم مسابقة للرسوم الكاريكاتيرية بعنوان "سيدنا محمد" أمام مبنى البرلمان الهولندي ليضع بصمته في محاولة لاستفزاز للمسلمين مجددًا.

 

 

وبُعيد إعلان "فيلدرز" أقدمت "هيئة الإذاعة العامة الهولندية" على إعادة نشر فيلم ترويجي قصير لحزب "الحريات" يحوي عبارة "الإسلام قاتل" كان الحزب يستغله في الانتخابات المحلية , وكان رد النيابة العامة الهولندية بعد تقديم شكاوى ضد الإعلان الترويجي : أن الفيلم "لا يحتوي على أي تمييز أو إهانة ضد جماعة ولا يحرض على العنف".

 

 

حركة "وطنيون أوروبيون ضد أسلمة الغرب" (بيجيدا) المعادية للإسلام والمهاجرين زادت من حملتها التحريضية ضد شعيرة الصيام من خلال حملة أطلقتها عبر حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي تحت عنوان "فليولّي رمضان" أعلنت فيها عن نيتها تنظيم حفلات شواء بلحم الخنزير (كونه محرما ونجسا في الإسلام) في أماكن قريبة من المساجد في مواعيد محددة خلال رمضان.

 

 

لا يبدو أن هذه الأفعال المشينة والسلوكيات اللأإنسانية - فضلا عن أن تكون لا أخلاقية - ستقف في انحدارها وانحطاطها عند حد , فالحقد والعداء لدين الله في الذهنية الغربية والموروث الأوروبي الصليبي قديم قدم الحق والباطل , ولا يمكن وقف مثل تلك الانتهاكات او التصدي لها بدون امتلاك أسباب لغة القوة بكافة أشكالها التي لا تفهم الدول الغربية غيرها .