إيران وتزوير الانتخابات العراقية
15 رمضان 1439
خالد مصطفى

أثارت النتائج التي أسفرت عنها الانتخابات العراقية ردود فعل واسعة داخل وخارج البلاد وأكدت النتائج على النفوذ الإيراني المتزايد في البلاد منذ الغزو الأمريكي عام 2003 حيث تمكنت طهران من بسط سيطرتها عن طريق الميليشيات الشيعية التي كونتها تحت سمع وبصر قوات الاحتلال والتي نفذت عمليات قتل وتهجير ضد أهل السنة تحت ذريعة "مطارة الإرهابيين"..

 

وأمس الاثنين صوَّت مجلس النواب العراقي، لصالح قرار يطالب بإلغاء نتائج اقتراع الخارج والنازحين، في الانتخابات البرلمانية التي أُجريت في الـ 12 من الشهر الجاري، مع عدّ وفرز ما لا يقلّ عن 10 من صناديق الاقتراع في الداخل...ونص القرار على إلزام الجهات المعنيّة، كل حسب اختصاصه، باتّخاذ الوسائل التي تضمن إعادة الثقة بالعملية الانتخابية بصورة عادلة ونزيهة...

 

وهذه الوسائل، وفق القرار؛ هي: إلغاء انتخابات الخارج والتصويت المشروط في مخيّمات النازحين في محافظات الأنبار (غرب)، وصلاح الدين ونينوى (شمال)، وديالى (شرق)؛ "لما توفّرت عليه الأدلّة من تزوير إرادة الناخبين، باستثناء أصوات الأقليات المشمولة بالكوتا"...كما يلزم القرار المفوضيّة العليا المستقلّة للانتخابات (تابعة للبرلمان) بـإجراء عملية العدّ والفرز يدوياً لما لا يقلّ عن 10% من صناديق الاقتراع...ويلزم القرار المفوضيّة بتزويد الكيانات السياسية فوراً بنسخة إلكترونية وصور ضوئية لأوراق الاقتراع ونتائج الانتخابات...واتخذ البرلمان، الذي أوشكت ولايته على الانتهاء، هذا القرار بعد اكتمال النصاب القانوني لعدد الأعضاء الحاضرين (165 من أصل 328 نائباً)، بعد محاولتين فاشلتين، الأسبوع الماضي، لعقد جلسة...وكان 85 نائباً تقدّموا، قبل نحو أسبوعين، بطلب لعقد الجلسة؛ لمناقشة ما قالوا أنه تزوير شهدته عملية الاقتراع...

 

وكانت موجة استياء وغضب قد سادت مدن شمال العراق على إثر اتهامات بالقيام بعمليات تزوير في الانتخابات البرلمانية عبر النظام الإلكتروني الذي استخدم لأول مرة في البلاد...وعقب انتهاء الانتخابات شهدت محافظتا كركوك والسليمانية(شمال العراق) إلى جانب بعض الأقضية في بعض المحافظات احتجاجات واسعة مطالبة بإعادة عملية العد والفرز بطريقة يدوية...المعترضون على نتائج الانتخابات على مستوى المكاتب الانتخابية من العرب والتركمان في كركوك وبعض الأحزاب الكردية في السليمانية(تابعة لإقليم شمال العراق) أكدوا أن هناك تزويرا جرى بطريقة إلكترونية، تضمن برمجة الأجهزة المخصصة لقراءة أوراق الاقتراع كي تعطي نتائج خاصة بحزب وكتلة معينة...

 

وقد اتهمت أطراف عراقية  إيران بالتدخل في نتائج الانتخابات لمصلحة الفريق المقرب منها وأكد النائب العراقي جواد البولاني، على أن فصيل "عصائب أهل الحق" المقرّب من إيران، قام بتزوير نتائج الانتخابات البرلمانية ..وفازت "عصائب أهل الحق"، وهي جناح سياسي لفصيل مسلح ضمن الحشد الشيعي بزعامة قيس الخزعلي، بـ15 مقعدا بعدما كانت تملك مقعدا واحدا في البرلمان الحالي، وقال البولاني في مؤتمر صحفي عقده في مبنى البرلمان، إن "هناك ضغوطا على المفوضية (العليا المستقلة للانتخابات) للإبقاء على النتائج كما هي"...

 

وأشار إلى أن "حركة عصائب أهل الحق وأمينها العام قيس الخزعلي مسؤولان عن تزوير نتائج الانتخابات، من قبل فريق فني (في إشارة إلى فريق متخصص بالقرصنة) يسكن في موقع قريب من المنطقة الخضراء وسط بغداد"...وأضاف البولاني: "ليست قضية مقعد؛ بل كرامة شعب يراد إسكاته بلغة التعسف والتهديد والسلاح"...من جهتها, دعت الأمم المتحدة، المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق، إلى التحقّق من شكاوى حول حالات تزوير شابت الانتخابات البرلمانية..

 

وقال الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق، يان كوبيش، في بيان، إنه يتعيّن على مفوضية الانتخابات "التحرّك بسرعة، والتعامل بجدية مع جميع الشكاوى، وإذا لزم الأمر، إعادة الفرز اليدوي الجزئي في مواقع مختارة، خصوصاً في كركوك"...المفوضية العليا للانتخابات زعمت أن التشكيك في نتائج الانتخابات قد يؤدي إلى "اندلاع حرب أهلية في البلاد" وذلك لتخويف المعترضين وإبقاء الوضع على ما هو عليه وتجاهل الاتهامات لتي تؤكد وجود انتهاكات واسعة تقف إيران وأذرعها في العراق خلفها من أجل تثبيت وتوسيع النفوذ الشيعي الموالي لطهران قي بغداد...

 

إيران تتباهى في كل مكان بأنها نجحت في السيطرة على عدة عواصم عربية في الفترة الأخيرة من بينها العاصمة العراقية بغداد وبالتالي لن تسمح بوجود فصائل سياسية مناوئة لها على مقربة من السلطة وفي سبيل ذلك تستخدم كل الأسلحة من أجل تحجيم أهل السنة والأطراف السياسية المناهضة لها وتعتمد في ذلك على التمويل السخي الذي تدفعه للميليشيات والأحزاب السياسية الشيعية.