كيف ينظر سنة العراق للانتخابات البرلمانية؟
27 شعبان 1439
خالد مصطفى

تنطلق اليوم السبت الانتخابات البرلمانية في العراق لاختيار 329 نائبا عبر اقتراع مختلط يؤمن حصصا نسبية... ويتعين على القوائم الفائزة تشكيل ائتلافات للحصول على غالبية من أجل تشكيل الحكومة المقبلة للبلاد...

 

ويبلغ عدد الناخبين في العراق حوالى 24,5 مليون يتوزعون على 18 محافظة تمثل كل واحدة منها دائرة انتخابية، بينهم 3,5 مليون ناخب يصوتون للمرة الأولى، صوّت قبلهم نحو مليون ناخب عراقي يعيشون في 21 بلدا أجنبيا، وفقا لمفوضية الانتخابات...وتتم طريقة التصويت على أساس القائمة، المغلقة والمفتوحة. ويتم التصويت على القائمة المغلقة كاملة دون أي اختيار.

 

أما المفتوحة فيتم التصويت عليها أو على مرشح أو عدد من المرشحين، ثم تُوزّع الأصوات على المرشحين وفقا لتسلسلهم داخل كل قائمة...هناك العديد من الائتلافات التي تدخل الصراع الانتخابي معظمها ائتلافات شيعية مدعومة من طهران أما أهل السنة فلا يشعرون بأن الانتخابات قادرة على تغيير أوضاعهم حيث يظل مئات الآلاف منهم خارج ديارهم ويتعرضون للتهميش والاضطهاد تحت دعوى تعاطفهم مع تنظيم داعش وهي ذريعة تستغلها الميليشيات الشيعية للتنكيل بهم والزج بأبناء السنة في السجون دون محاكمات...

 

على مدخل مدينة تكريت وتحت لافتة عملاقة عليها صورة قائد عسكري شيعي يقف مئات من العرب السنة العراقيين ساعات تحت أشعة الشمس الحارقة في انتظار تفتيشهم قبل السماح لهم بدخول المدينة ويقول السنة قرب تكريت، إنهم يشعرون بخيبة أمل وبالتهميش قبل الانتخابات لاختيار رئيس وزراء جديد...يقال شجاع محمد (35 عاما) الذي كان من خبراء القنابل بالجيش وهو من تكريت: إنه توجه إلى بغداد عندما سيطر تنظيم الدولة على المدينة عام 2014 وعرض مساعدة السلطات في محاربة التنظيم...

 

وأضاف محمد الذي ينوي وضع علامة يشطب بها على ورقة التصويت بالكامل :”قالوا انتو دواعش قلنا عمي شنو؟ دقوا حاسبات واسألوا علينا المناطق. إذا عندنا شيء أنتم عاقبونا. من هنا طفونا (ألغوا مرتباتنا)“...ورغم الشعور بخيبة الأمل على نطاق واسع يقول كثيرون من السنة إنهم يريدون فعلا أن تكون أصواتهم مسموعة حتى إذا كان ذلك يعني إفساد أوراق التصويت أو تأييد مرشح لا يثقون به...وتكشف مقابلات مع عشرات الناخبين والمرشحين والمسؤولين المحليين في ثلاث محافظات سنية بأنهم يعتزمون المشاركة بأعداد كبيرة في التصويت رغم أنه لا أحد تقريبا يعتقد أن الانتخابات ستسفر عن تحسين أوضاعهم...وقالت الصيدلانية غفران (25 عاما) في الموصل التي امتنعت عن ذكر اسمها بالكامل خشية الانتقام منها ”نعم راح أصوت. بس ما عندي أمل إنو أي شيء راح يتغير“.

 

غفران واحدة من آلاف العائدين منذ استعادة السيطرة على الموصل من أيدي التنظيم في يوليو الماضي رغم صعوبات الحياة ”بين الأنقاض والسيطرات“ أي الحواجز الأمنية...وقال محمد (41 عاما) الذي سيدلي بصوته مثل كثيرين من جيرانه رغم ازدرائه للمرشحين ”وقت الخوف انتهى ... هذا واجبنا أن نصوت“...

 

وتردد صدى العزم على التصويت رغم الاعتقاد بأن شيئا لن يتغير في مختلف أنحاء الموصل عاصمة محافظة نينوى التي يخوض فيها الانتخابات أكثر من 900 مرشح ينتمون لأكثر من 30 قائمة انتخابية أملا في الفوز بواحد وثلاثين مقعدا برلمانيا فقط...ويشكو السنة منذ فترة طويلة من تفشي التمييز على أيدي الحكومات وقوات الأمن بقيادة الشيعة منذ العام 2003...ويقول عدد من أهل السنة في الموصل مثل علي فارس (31 عاما) إنه من المستحيل أن يصوتوا للقادة الذين يحملونهم مسؤولية قصف مدينة بلا هوادة خلال المعركة مع تنظيم الدولة...ويضيف فارس في مقهى مؤقت في قلب المدينة القديمة مشيرا إلى الإنفاق على الحملة الانتخابية ”كلهم دمروا المدينة ... بدال ما يصرفوا 35 مليون على هالصور خلي يجون يعمرون بيوت“...

 

في نفس الوقت, قال ناخبون في مخيمات وتجمعات ريفية في محافظات الأنبار وصلاح الدين ونينوى التي يغلب السنة على سكانها إن عدة فصائل شيعية هددت بتوجيه اتهامات بالإرهاب للشباب ما لم يتحقق الفوز لمرشحين بعينهم...ومن المشاكل الأخرى التي واجهها السنة أنهم، على النقيض من الأكراد والشيعة، يفتقرون لقيادة وطنية قوية أو تنظيم حزبي على مستوى الجمهورية وهو ما يعني أن القاعدة الانتخابية لساسة السنة تتركز على المستوى الإقليمي أو القبلي...يقول نجيب سعيد (64 عاما) التاجر الذي يزاول عمله في الشارع ”احنا 15 سنة (في) هالمدينة تكريت ماكو (لا يوجد) نواب مجلس أو مجلس محافظة من الاحتلال لليوم. يقولوا كان صدام من تكريت. ده السبب. يقولوا ببغداد ’إنتم حاكمين العراق 35 سنة. كفاية عليكم‘“...

 

ويشعر كثيرون من السنة بأن الساسة السنة المشاركين في العملية السياسية منذ سقوط صدام متعاونون مع النظام ويسعون لتحقيق مكسب شخصي...وقال مهدي أحمد (72 عاما) الذي فر إلى مخيم في عامرية الفلوجة بسبب القتال ”لحد الآن أني قاعد بخيمة وأسمع أن السياسي نفسه هو اللي موجود وبسببه أني قاعد بخيمة. هذا هل أني أنتخبه؟ أحفر لي قبر وأردم نفسي“ ولا أنتخبه...

 

هذه الشهادات تكشف مدى التهميش الذي يشعر به أهل السنة في العراق, كما تكشف عن يأسهم من حدوث أي تغيير جراء الانتخابات مهما كانت نتيجتها بسبب سيطرة الموالين لطهران على أهم مفاصل الدولة.