إيران والصهاينة....والحرب المزعومة
17 شعبان 1439
د. زياد الشامي

منذ عقود والحرب الكلامية بين الكيان الصهيوني والنظام الصفوي في طهران على أشدها دون أن تخرج تلك المسرحية عن مسارها المرسوم أو يتجاوز ممثلوها السيناريو المكتوب بإتقان لتحقيق هدفهما المشترك المتمثل بالقضاء على المسلمين وإضعاف قدرتهم على المواجهة أو المقاومة .

 

 

وعلى الرغم من أن جميع الوقائع على الأرض تؤكد وجود تفاهم وتنسيق قوي بين ملالي قم والكيان الصهيوني والعم سام سواء في العراق التي قدمتها الولايات المتحدة الأمريكية للرافضة على طبق من ذهب ومهدت لمليشياتها السيطرة على معظم مدنها تحت غطاء طيرانها الحربي , أو في سورية التي لم يكن لملالي قم أن يجتاحوها بذريعة دعم طاغية الشام لولا الضوء الأخضر الصهيوني الذي صرح مسؤولوه أكثر من مرة برغبتهم في بقاء حامي حدودهم الشمالية على رأس الحكم في عاصمة الأمويين.......

إلا أن الظاهر أن حرب التصريحات النارية والتهديدات الفارغة بين الطرفين التي قد تصل إلى درجة دق طبول حرب مزعومة أمر لا بد منه في طريق استكمال المخطط الصهيوصفوي في المنطقة وبلاد الشام تحديدا .

 

 

نعم ....قد يقوم الكيان الصهيوني بقصف بعض المواقع في الداخل السوري بين الفينة والأخرى , وقد يستهدف بعض النقاط العسكرية التابعة للنظام النصيري أو ملالي قم لسبب أو لآخر , وقد تفعل الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الغربية ذلك حين تستدعي حساباتها ذلك ....إلا أن عاقلا لا يمكن أن يفسر ذلك بأنه شرارة لنشوب حرب بين الحلفاء .

 

 

كثيرة هي التصريحات النارية التي تأججت مؤخرا بين الكيان الصهيوني وملالي قم , خاصة بعد اعتراف النظام الصفوي عبر وكالة أنباء الطلبة الإيرانية "إسنا" بمقتل 18 عسكريا من جنودها في قصف استهدف اللواء "47" في محافظة حماة السورية والذي تتمركز فيه قوات إيرانية ومليشيات تابعة لها .

 

 

لم تكن المرة الأولى التي يتم فيها استهداف مواقع عسكرية تابعة للنظام النصيري أو الصفوي في الداخل السوري من قبل الكيان الصهيوني , فقبل الواقعة الأخيرة بأيام كانت قاعدة الشعيرات الجوية هدفا لصواريخ يعتقد بأن من أطلقها الكيان الصهيوني .

 

 

لم تخرج ردود أفعال النظام النصيري والصفوي الذي يدعي المقاومة ويرفع شعار الممانعة حيال الاستهداف الصهيوني عن عبارات التهديد الخرقاء بــ "الرد في الزمان والمكان المناسبين" .

 

 

تضج أجواء وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي مؤخرا بتحليلات السياسيين حول مآل التصعيد الكلامي وحرب التصريحات بين الكيان الصهيوني و النظام الصفوي حيث يرى البعض أنها مؤشرات لحرب محتملة مسرحها الأراضي السورية بينما يستبعد الكثيرون هذا الاحتمال استنادا إلى حقيقة التفاهم والتنسيق الذي يؤكده الواقع ناهيك عن بعض التصريحات التي تنفي احتمال نشوب الحرب المزعومة .

 

 

رئيس الوزراء الصهيوني "بنيامين نتانياهو" أعلنها أمس بكل وضوح قائلا : "إن ''إسرائيل'' لا تسعى لحرب مع إيران، وذلك بعد يوم من كشفه ما وصفه بأنه دليل على أنشطة نووية سرية في إيران مما يعد انتهاكا للاتفاق النووي مع القوى العالمية.

 

 

وردا على سؤال عما إذا كانت ''إسرائيل'' مستعدة لحرب مع إيران قال "نتنياهو" في مقابلة مع قناة (سي إن إن) : "لا يسعى أحد وراء مثل هذا التطور إيران هي التي تغير القواعد في المنطقة".

 

 

صحيفة التايمز البريطانية وفي تحليل لــ "كاثرين فيليب" عن وثائق نتنياهو عن ملف إيران النووي اعتبرت أن الأمر لا يعدو أن يكون :" استعراض مسرحي بلا جديد".

 

 

كاتبة التحليل قالت : إن نتنياهو تعهد بكشف ما وصفه بـ"ملفات سرية نووية" لم يرها العالم من قبل تثبت أن إيران كانت تسعى سرا لإنتاج أسلحة نووية، ولكن "في الواقع لا يوجد الجديد أو المثير للدهشة فيما قاله للمراقب المطلع".

 

 

وتضيف أن وكالة الطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة كانت على علم بكل ما تحويه الوثائق التي كشفها نتنياهو قبل عام 2011 وأن الولايات المتحدة كانت على علم به حتى قبل ذلك .

 

 

كثيرة هي الأسباب التي يمكن أن تكون وراء افتعال حرب مزعومة بين ملالي قم والكيان المحتل أبرزها المشاكل الداخلية التي يواجهها كل من خامنئي ونتنياهو ممثلة في مظاهرات واحتجاجات ضد الفساد المستشري في إيران في ظل نظام حكم خامنئي لم تتوقف تماما حتى الآن واتهامات بالتورط بقضايا فساد تلاحق رئيس وزراء الاحتلال نتنياهو , ولن يجد الأخيرين خير من تأجيج الجبهة الخارجية بتصريحات كلامية لصرف الأنظار عن ورطتهما الداخلية .