لو حدث هذا بأوروبا ضد غير المسلمين!!
24 جمادى الثانية 1439
د. زياد الشامي

خطاب الكراهية المتنامي في أوروبا ضد المسلمين والتحريض المستمر لاطهادهم وطردهم من دول القارة العجوز إن كانوا مهاجرين أو لاجئين , والتمادي في ممارسة أقصى درجات العنف المادي والمعنوي ضدهم من قبل أشخاص وأحزاب فاعلة ومشاركة في الحكومات هناك ......لو حدث عشر معشاره ضد غير المسلمين هناك لقامت الدنيا ولم تقعد , ولو تم إلصاق تهمة من يقوم بتلك الممارسات بأحد من ينتسبون إلى دين الله الحق لكانت ردود الأفعال أدهى وأمر .

 

 

مفارقة و ازدواجية باتت مكرورة ومثيرة للاشمئزاز والاستهجان تلك التي تمارسها حكومات الدول الغربية إزاء خطاب الكراهية المتنامي في أراضيها ضد المسلمين , حيث لا تكاد الحكومات - التي ترفع شعار حماية حقوق الإنسان وصيانة الحرية الدينية - تحرك ساكنا حين يكون التهديد والوعيد وخطاب الكراهية موجها ضد المسلمين من قبل أحزاب معروفة بتطرفها وفكرها المنحرف وممارساتها الإجرامية التي تستحق وصف "الإرهاب" بامتياز..........في الوقت الذي تنتفض فيه الدول الغربية بكامل أركانها ومؤسساتها الحكومة حين يقع ذلك الخطاب أو تصيب تلك الممارسات العنيفة غير المسلمين .

 

 

مناسبة هذه المقارنة وتلك المفارقة الأخبار المتتالية القادمة من دول القارة العجوز التي تتحدث عن تصاعد نبرة خطاب الكراهية وتنامي ظاهرة الاعتداء على المسلمين ماديا ومعنويا دون أن يكون هناك أي تحرك جدي لوقف تلك الانتهاكات أو لجم تطرف وإرهاب المتهمين بذلك .

 

 

ففي بريطانيا فتحت شرطة مكافحة "الإرهاب" تحقيقا في رسائل مجهولة المصدر تحمل عنوان "يوم عقاب المسلمين" تم إرسالها إلى منازل في عدة مدن بالمملكة المتحدة وتدعو للاعتداء على المسلمين في البلاد يوم الــ 3 من إبريل المقبل.

 

 

صحيفة "ديلي ميل" البريطانية التي تناولت الخبر ذكرت أن مواطنين في العاصمة لندن وفي مقاطعتي "ميدلاندز الغربية" و"يوركشاير" أبلغوا عن تلقيهم تلك الرسالة المروعة .

 

 

وأوضحت الصحيفة أن الرسالة أو المنشور لم يكتف بالدعوة إلى إلحاق الأذى وارتكاب جرائم ضد المسلمين في الــ 3 من إبريل المقبل فحسب , بل وضعت الرسالة نظام نقاط معينة لتشجيع المتطرفين على إلحاق الأذى بالمسلمين في ذلك اليوم , فمن يقوم باعتداء لفظي سيحصل على 10 نقاط ، ومن يلقي مادة حارقة على وجه مسلم سيحصل على 50 نقطة ، ومن يفجر أو يحرق مسجدا سيحصل على ألف نقطة!!!

 

 

شرطة العاصمة وعبر المتحدث باسمها اكتفت بالقول حسب الصحيفة : إن "الرسالة قيد التحقيق ولن نتسامح مع أي شكل من أشكال جرائم الكراهية وأي شخص يخشى أن يقع ضحية تلك الرسالة عليه إبلاغ الشرطة بذلك حتى يتم التحقيق فيها بشكل كامل".

 

 

إذن فالتحقيق والتصريحات الشكلية الدبلوماسية المعهودة بعدم التسامح مع خطاب الكراهية وما شابه .....هو رد الفعل الوحيد للحكومة البريطانية إزاء تطرف واضح وتهديد بالعنف وممارسة الإرهاب ضد المسلمين فاضح....بينما لا يشك أي متابع بأن الأمر سيكون مختلفا تماما لو كان مثل خطاب الكراهية السابق والتهديد الوحشي السافر موجه ضد غير المسلمين من النصارى أو اليهود أو ......في دول القارة العجوز .

 

 

ولو حدث أن كان المتهم بإرسال مثل تلك الرسائل والتهديدات مسلم أو منتسب للإسلام فإن ردود الأفعال ستكون أيضا مختلفة شكلا ومضمونا , فوسائل الإعلام الغربية ستكون حاضرة وبقوة في جميع أماكن الحدث بالإضافة للتغطية الشاملة الكاملة لأدق تفاصيل الواقعة من خلال برامج التحليلات والتداعيات والأبعاد ...ناهيك عن منظمات حقوق الإنسان التي عادة ما تعود للحياة ويسمع صوتها عاليا حين تمس الانتهاكات أو تطال غير المسلمين .

 

 

الرسالة التي وُضع عليها صورة "خنجر" مصحوب بحرفي MS ما يرجح أنها مرتبطة بالجماعة المعروفة بـ"ذابح المسلمين" التي تستهدف المساجد في لندن والولايات المتحدة لا سيما أنها قامت بأفعال مماثلة العام الماضي ....تبقى مجهولة المصدر بالنسبة للشرطة البريطانية في الوقت الذي يتم فيه تحديد الفاعل مباشرة ودون أي تردد أو توقف لو كان التهديد يطال غير المسلمين .

 

 

ليست هذه المفارقة والازدواجية مقتصرة على الشرطة البريطانية فحسب , بل هي عامة تشمل جميع حكومات الدول الغربية , فها هم أعضاء من حركة "وطنيون أوروبيون ضد أسلمة الغرب" المعروفة اختصارًا بـ(بيغيدا) المتطرفة المعادية للإسلام والمهاجرين تقوم بنصب 23 صليبا في أرض مخصصة لبناء مسجد في مقاطعة "أوفرآيسل" شرقي هولندا دون أن تكون هناك أي ردود أفعال من جهة الحكومة أو شرطتها على الحدث .

 

 

مقطع الفيديو الذي نشرته الحركة عبر حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي يوثق نصب أعضاء الحركة الصلبان المذكورة بحيث تبدو الأرض المخصصة لبناء مسجد والواقعة في مدينة "أنسخديه" وكأنها مقبرة مسيحية.

 

 

الحركة علقت على الفيديو قائلة : "الإسلام يعني الكراهية والإرهاب لذلك قمنا بعمل اليوم في أرض سينشأ عليها بيت كراهية بمدينة "أنسخديه" وسنفعل كل شيء لمنع ذلك (بناء المسجد)" حسب زعمها في تحد صارخ للحكومة والشرطة والدولة .

 

 

قد لا يكون هناك داع لكثير من التخمين عما سيحدث لو كانت رسائل التهديد في بريطانيا ضد غير المسلمين أو كانت حادثة هولندا لمنع بناء كنيسة في مكان مخصص لها ....فالسوابق الكثيرة في دول القارة العجوز أغنت المتابع عن هذا العناء أو الجهد .