لا يمكن الوصول إلى النتيجة الصحيحة من خلال قراءة التوترات والتطورات في المنطقة خلال الآونة الأخيرة، من زاوية سوريا فقط. وتتضح الرؤية بشكل أفضل عند إضافة العراق وحتى الخليج وشمال أفريقيا.
ولا بد أيضًا من وضع النظام السوري وإسرائيل ولبنان في المعادلة إلى جانب الولايات المتحدة وروسيا وإيران.
عند النظر من هذه الزاوية ليس هناك ما يثير الدهشة، فالمنطقة تشهد تحقق التوقعات والتحليلات المطروحة قبل عامين عما سيحدث بعد داعش.
الجولة الثانية
تشهد الساحة في هذه الأيام انتقالًا إلى جولة ثانية ، يُعاد فيها توزيع الأوراق. فالجميع يعيد النظر في شركائه وتحالفاته.
في حديثه مع صحيفتنا، قال السفير الأمريكي السابق في تركيا والعراق جيمس جيفري معلقًا على زيارة مستشار الأمن القومي هربرت مكماستر ووزير الخارجية ريكس تيلرسون لأنقرة، إن الزيارة ستتناول "التركيز على كيفية لجم إيران في الفترة القادمة، وكيفية التوصل إلى حل سياسي بعد الأسد".
لكن لا يتوقعنّ أحد أن تتخلى واشنطن عن قوات سوريا الديمقراطية، لأن الولايات المتحدة تسيطر على ثلث سوريا وعلى آبار النفط الهامة بفضل ما قدمته من سلاح وتدريب لهذه القوات حتى اليوم.
ولا مفر أمام واشنطن من اتخاذ خطوتها التالية بالتعاون مع قوات سوريا الديمقراطية، لأنه لا يوجد مجموعة أخرى يمكن أن تعمل معها في الساحة. وما وقع قبل يومين في دير الزور هو خير مثال على ذلك.
فالميليشات الموالية لإيران هاجمت قوات سوريا الديمقراطية، لترد الولايات المتحدة بغارة جوية أسقطت 45 من عناصر الميليشيات.
ومن المحتمل أن تقع اشتباكات مشابهة باستمرار في غرب دير الزور وجنوب الرقة، لأن إيران ترغب منذ مدة طويلة في إقامة ممر يمتد من أراضيها حتى البحر المتوسط. وهي تريد تنفيذ هذه الرغبة، التي حالت دونها الولايات المتحدة من خلال سيطرة قوات سوريا الديمقراطية على الرقة وأجزاء من دير الزور.
الوضع في العراق
من غير الممكن ألا تؤثر التطورات الميدانية في سوريا على العراق، الذي يعيش فترة من الهدوء.
صراع على السلطة تشهده بغداد، التي أرجأت الانتخابات البرلمانية المزمعة الشهر الحالي حتى مايو القادم. ويعتقد المتابعون أن رئيس الحكومة حيد العبادي هو الأوفر حظًّا.
لم يكتفِ العبادي بالمحافظة على توازن في علاقاته مع إيران والولايات المتحدة، بل إنه أقام علاقات جيدة مع تركيا أيضًا.
لكن لا يمكن القول إن الانتخابات ستكون سهلة بالنسبة للعبادي، لأن جزءًا كبيرًا من الحشد الشعبي المدعوم إيرانيًّا قرر دخول معترك السياسة.
وهادي العامري زعيم فيلق بدر، الذي يحظى بتمثيل في مجلس النواب، شمر عن ساعديه من أجل تشكيل كتلة النيابية. وبالتالي فقد ظهر منافس لحزب العبادي.
إذا وضعنا في الاعتبار أن روسيا وإيران حققتا مكاسب أكبر في الجولة الأولى، فلا مفر من أن تتصرف الولايات المتحدة بعدوانية أكبر في الجولة الثانية. وهذا ما يفرض إعادة النظر في جميع التوازنات على الساحة.
المصدر/ خبر تورك