الانتهاكات الجنسية تجتاح دول الغرب
26 جمادى الأول 1439
د. زياد الشامي

بين الفينة والأخرى تطالعنا وسائل الإعلام الغربية بخبر جديد عن اتهامات بالجملة طالت أفرادا ومسؤولين كبار في مؤسسات عسكرية وبرلمانية وتنفيذية ودينية غربية بارتكاب تجاوزات وانتهاكات جنسية , الأمر الذي جعل مثل هذه الأخبار المثيرة للاهتمام مع تكرارها وتواترها أخبارا عادية روتينية على غير حقيقتها تمهد ربما لقبول مثل هذا الفساد والشذوذ والتعايش معه وعدم اعتباره تهمة أو نقيصة تستوجب التحقيق والمساءلة في قابل الأيام .

 

 

ما يدفع لهذا التصور وذلكم التحليل هو كمية أخبار الانتهاكات الجنسية المتهم بها كبار رجال الكنيسة الغربية وكبار المسؤولين والبرلمانيين والعسكريين التي كشفت عنها بعض وسائل الإعلام – وما خفي كان أعظم – من غير ان تثير تلك الاتهامات تلك الضجة المفترضة إعلاميا وسياسيا وقانونيا وقضائيا , ومن غير أن تفعل فعلها في مجتمعات أُريد لها على ما يبدو أن تتقبل شيئا فشيئا كل أنواع الشذوذ الجنسي والفساد والانحدار الأخلاقي !!

 

 

صحيفة "الجارديان" البريطانية كشفت أمس عن موجة جديدة من موجات الاتهامات الجنسية والشذوذ المشين طالت رجال الكنيسة وكهنتها , مؤكدة أن كنيسة إنجلترا تواجه أكثر من 3300 اتهام بارتكاب انتهاكات جنسية ضد أطفال وشباب وغيرهم على يد كهنة ومسؤولين في الكنيسة.

 

 

الصحيفة أشارت إلى أن إنفاق الكنيسة البريطانية على القضايا المتعلقة بالانتهاكات والاعتداءات الجنسية زاد 5 أضعاف منذ 2014م مضيفة أن أحدث الأرقام تظهر أن الكنيسة تواجه أكثر من 3300 اتهام .

 

 

وأوضحت الصحيفة  أن تلك الأرقام تأتي في وقت تستعد فيه الكنيسة لمواجهة عملية تدقيق وفحص مكثفة من قبل لجنة تحقيق مستقلة فيما يتعلق بالانتهاكات والاعتداءات الجنسية ضد الأطفال والتي تبدأ الاستماع إلى الأدلة الشهر المقبل .

 

 

الصحيفة ذكرت أن كثيرا من الناجين من الانتهاكات الجنسية مازالوا لا يثقون بشكل كبير برجال الكنيسة ولديهم غضب وشكوك عميقة تجاه الكنيسة......وهو أمر منطقي بعد كل هذه المخازي المشينة التي تبين أن رجال الكنيسة قد تورطوا بها .

 

 

كما لفتت الصحيفة إلى أن 20% من الاتهامات موجهة ضد كهنة ومسؤولين في الكنيسة وباقي الاتهامات موجهة ضد أعضاء آخرين متطوعين داخل الكنيسة .

 

 

تورط قساوسة كنيسة انكلترا وكهنتها في الشذوذ بالاعتداء على الأطفال جنسيا ليس بالأمر الجديد فمنذ أعوام وفضائح اعتداء قساوسة كنائس الفاتيكان في عموم دول الغرب تتكشف وتتوالى دون أن تفضي فتح التحقيقات إلى أي نتائج تذكر على صعيد كبح جماع هوس الشذوذ الجنسي الذي يجتاح أماكن من المفترض أن تكون أكثر الأماكن أمنا واطمئنانا وسلاما وخلوا من عشر معشار هذه الجرائم المخزية .

 

 

لم يقتصر داء تفشي ظاهرة الهوس الجنسي في مؤسسات دول الغرب على الكنائس فحسب – وإن كان هو الأسوأ والأفظع – بل انتشر هذا الداء إلى عموم جسد وكيان الدول الغربية وأهم وأبرز مؤسساتها السيادية بدءا بممثلي الشعب في البرلمانات وصولا إلى مسؤولين كبار في النظام الحاكم وليس انتهاء بالمؤسسة العسكرية .

 

 

آخر ما كشفت عنه وسائل الإعلام عن اجتياح هذا الداء الخبيث في عموم الغرب دراسة لوزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون ) نُشرت الأربعاء الماضي تحدثت عن زيادة كبيرة في بلاغات الاعتداءات الجنسية في الأكاديمية العسكرية الأميركية في "وست بوينت" خلال العام الأكاديمي الماضي ؛ ما يسلط الضوء على قضية يعاني منها الجيش والأكاديميات التابعة له منذ وقت طويل .

 

 

وبحسب وكالة “رويترز” فإن التقرير السنوي أكد أنه تم الإبلاغ عن 50 حالة اعتداء جنسي في أكاديمية النخبة العسكرية الأمريكية خلال العام الأكاديمي 2016-2017 أي ما يعادل تقريباً ضعف العدد مقارنة بالعام الدراسي الذي سبقه .

 

 

زيادة البلاغات في الأكاديمية جاء بعد حدوث تغيير في سياسة الإبلاغ ونقل مكتب مساعدة ضحايا الاعتداءات إلى مكان آخر ..... وهو ما يؤكد أن حجم الاعتداءات الجنسية داخل المؤسسة العسكرية كبير إلى درجة قد تدفع المسؤولين هناك إلى إخفاء الأرقام الحقيقية قدر المستطاع وبشتى اسبل والوسائل .

 

 

وإذا أخذنا بعين الاعتبار التقرير الذي صدر عن مجموعة "فونكه" الإعلامية الخاصة والذي كشف عن تسجيل السلطات الألمانية لـــ234 جريمة اعتداء جنسي في الجيش خلال العام الماضي 2017م و بزيادة بلغت 80% مقارنة بعام 2016م فإن الأمر لا يمكن اعتباره حالة خاصة بل داء يجتاح الدول الغربية وينذر بعواقب وخيمة جديدة في القريب العاجل .