نظرة في القرار الأممي بشأن الروهينغيا
8 ربيع الثاني 1439
خالد مصطفى

صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية 122 صوتًا لصالح مشروع قرار يدعو ميانمار لإنهاء حملتها العسكرية ضد أقلية الروهينغيا المسلمة...

 

ودعا مشروع القرار الأمين العام للأمم المتحدة لتعيين مبعوث خاص إلى ميانمار...كما طالب القرار الحكومة الميانمارية بالسماح بوصول موظفي الإغاثة (إلى أراكان) وضمان عودة كافة اللاجئين، ومنح حقوق المواطنة للروهينغيا...

 

ورغم إيجابية هذا القرار إلا أنه من المستبعد أن يكون له التأثير المطلوب بشأن حل قضية مسلمي الروهينغيا ووقف الانتهاكات التي يتعرضون لها في ميانمار لأن قرارات الأمم المتحدة غير ملزمة مقارنة بقرارات مجلس الأمن الذي فشل حتى هذه اللحظة في اتخاذ قرار حاسم بشأن هذه القضية رغم وضوح كافة جوانبها..

 

 

وبنظرة للدول التي صوتت ضد القرار في الأمم المتحدة نعلم أن مجلس الأمن لن يتمكن في المستقبل القريب من اتخاذ قرارات هامة في هذه القضية لأن من بين الدول الرافضة توجد دولتان لهما حق النقض المعروف "بالفيتو" وهما روسيا والصين اللتان تدعمان موقف الحكومة في ميانمار كما أن أمريكا موقفها يحمل غموضا واضحا من القضية فهي تدين الانتهاكات إعلاميا ولكنها تتعامل بانفتاح مع الحكومة الميانمارية حتى أنها وافقت على مشاركة جيش ميانمار, المتهم بارتكاب جرائم ضد الروهينغيا, في مناورات ستقودها في تايلاند...

 

الموقف الدولي من قضية الروهينغيا بشكل عام يثير الاستغراب والأسى فرغم التقارير الكثيرة الصادرة من مؤسسات حقوقية كبرى والتي تؤكد على حقيقة الجرائم التي ارتكبتها السلطات في ميانمار ضد الروهينغيا إلا أنه لا توجد خطوات صريحة بشأن فرض عقوبات رادعة على هذه السلطات كالتي فرضت سابقا عندما كان الجيش يتولى الحكم بشكل مباشر في البلاد وهو ما دعاه للتخلي عن السلطة للناشطة السابقة المعروفة بعلاقتها القوية مع الغرب أونغ سان سو كي..مأساة الروهينغيا تتزايد حدتها مع الظروف الصعبة التي يمر بها اللاجئون في المناطق التي فروا إليها حيث تفتك بهم الأمراض المعدية ويفتقدون إلى الظروف المعيشية الملائمة ويعانون من سوء التغذية وعدم توفر المياه الصالحة للشرب, كما أن دولا مثل الهند تضيق عليهم وتحرمهم من بعض الوظائف التي حصلوا عليها وتخطط من أجل ترحيلهم...

 

القرار الأممي يفتقد للإرادة الدولية التي من الواضح أنها لا تزال تعاني من التردد والتخبط وهو ما سيجعله مجرد حبر على ورق إلا إذا مارست الدول الإسلامية والعربية المزيد من الضغوط من أجل تفعيل القرار ومحاصرة حكومة ميانمار والضغط عليها من أجل وقف الانتهاكات وإرسال قوات أممية لحماية الروهينغيا بعد تهيئة الأجواء المناسبة لعودتهم لديارهم...

 

إن المخاوف تزداد بشأن إمكانية تحول قضية الروهينغيا إلى قضية فلسطينية جديدة عن طريق ممارسة سياسة الأمر الواقع من قبل حكومة ميانمار والتخاذل الدولي تجاهها خصوصا أن تقارير كثيرة تؤكد أن السلطات في ميانمار تقوم بطمس معالم قرى الروهينغيا ومحو كل ما يشير إلى تراث وثقافة وهوية الروهينغيا منها والتخطيط لتوطين بوذيين في هذه القرى كما فعل الاحتلال الصهيوني في فلسطين.