السؤال
والدي ناظر وقف، وأعطاني وكالة لشراء العقار الذي سيكون وقفاً، وتعبت كثيرا في البحث عن العقار المناسب والمفاوضة عليه، وقد اتفقت مع السماسرة على إعطائي جزءا من السعي ، فهل يحق لي أخذه؟
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
فإن الأمر يختلف باختلاف أمور كثيرة؛ منها: نص الواقف، ووجود أجرة مفروضة للناظر أو لا ، وكونها وافية له أو لا، واعتبار العرف السائد في استحقاق أصل السعي، ثم قدره، وكون الناظر مجرد أداة، أو صاحب قرار.
هذا وكثير ممن يرى المنع المطلق في هذه المسألة يستحضر ما يجب اعتباره من جهة السياسة الشرعية في أنظمة الدولة في الأوقاف، وفي لائحة الوقف التي يقرها الناظر، أو تقرها المحكمة من بعده؛ سدا لذرائع تساهل بعض النظار في إمضاء البيع تعجلا لحصول السعي؛ مما يؤدي إلى بخس الأوقاف أثمان أصولها وقيم كرائها، وفي هذا البناء بهذا الإطلاق نظر، والأصح أن هذا يختلف باختلاف ما ذُكر؛ لأن الخطاب في باب السياسة الشرعية يختلف اختلافا مؤثرا عن باب خطاب التعبد، وبراءة الذمة فيما بين الناظر وبين الله.
ومما ينبغي أن يُستحضر هنا مثلا هو تأثير العرف؛ فإن ما درج عليه الناس من عمل معتبر في معرفة قصد الناظر في خصوص هذه المسألة؛ فإذا كان هذا العرف واضحا في أن الناظر لا يأخذ السعي مطلقا، أو أنه يأخذه بقيود فإن الأصل هو أن الناظر اعتبره ضمنا؛ لأن اشتهاره ثم سكوته عن ذكر الاستحقاق علامة ظاهرة أنه لا يريد منه الأخذ؛ وإلا لاستثناه له، وهو معنى ما قال فيه الفقهاء: (المعروف عرفا كالمنصوص شرطا). والله أعلم.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .