السؤال
سافر قريبي الأسبوع الماضي إلى أمريكا في يوم الأحد وصلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر في الطائرة، يقول: لما نزلنا في أمريكا إذا نحن بحسب وقتهم قد دخل وقت الظهر ، والإشكال أنه يوم الأحد نفسه الذي سافرت فيه؛ السؤال ؛ هل أصلي صلوات هذا اليوم أم يكفيني ما قد صليته؟ وماذا يجب علي في هذه الحالة؟ وهل الفقهاء تكلموا عن مثل هذه المسائل ؟ وفي أي باب؟
شيخا .. أرجو الجواب مع التعليل تفضلا وتكرما منكم.
الجواب
الحمد لله وحده، وصلى الله وسلم على من لا نبي بعده، أما بعد:
فالقاعدة في ذلك أن يصلي المسلم فيما يعلمه وقتا؛ باليقين، ثم بغلبة الظن، ثم بالتحري، ثم بالتقدير وما شق تحديد وقته أو جُهل صلَّاهُ ولو قضاءً؛ لأن هذا غاية وسعه وطاقته، و"لا يكلف الله نفسا إلا وسعها".
وإذا طبَّق الليل على مدة اليوم، أو طبق النهار على مدته وتعسرت العلامات عُمل بالتقدير لجميع صلوات اليوم كاملا؛ وذلك بتطبيق نسبة أوقات الصلاة من مكانه الذي خرج منه إلى نهاية الأربع والعشرين ساعة؛ فإذا أدرك الفجر في وقتها ثم سافر وكان الوقت بين الفجر والظهر ست ساعات مثلا صلى بعد الفجر بست ساعات، وهكذا بقية المواقيت، وذلك لما ثبت في الصحيح من حديث النواس بن سمعان حين سألوه عن الدجال: قلنا يا رسول الله وما لبثه في الأرض؟ قال: "أربعون يوما ًيومٌ كسنة ويوم كشهر ويوم كجمعة وسائر أيامه كأيامكم" قلنا: يا رسول الله فذلك اليوم الذي كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم؟ قال: "لا اقدروا له قدره".
وإذا تمايز الليل عن النهار، وتعسر حساب الصلوات في كل من الليل والنهار= صلى صلوات الليل وحدها بالتقدير في الليل، وصلى صلوات النهار وحدها بالتقدير في النهار؛ لأن علة التقدير في إطباق الليل أو النهار على اليوم كله هي تعسر معرفة المواقيت، وهي متحققة في صلوات الليل، وفي صلوات النهار فثبت الحكم فيهما.
وإذا أمكنه معرفة العلامات أثناء سيره بالطائرة وجب عليها اعتبارها، وكذلك إن أمكنه أن يبني على مواقيت البلدان التي يمر عليها وهو في الجو فإنها الأقرب في التقدير إلا في وقت المغرب فلا يصليها إلا إذا غربت الشمس في الطائرة، وكذلك الفجر لا يصليها إلا إذا وجدت علامة الفجر، فإن لم توجد فإنه يصلى إذا بدأ الإسفار وقبل أن تطلع الشمس؛ فإذا اشتبهت العلامات في أول الوقت فإن يؤخرها حتى تستبين، ولو خشي خروج الوقت؛ لأن صلاتها قضاء أولى من الصلاة مع الشك في دخول الوقت، وهذا كله مع انعدام الأدلة والعلامات أو تكافؤها.
وإذا تعذر ما تقدم فإن يعتبر في بداية التقدير على بلده الذي خرج منه؛ لأن معرفة ما يجب من الصلوات اللاحقة كان فيه، ولأن البلد الذي يقصده لم يوجد بعد فلا يتعلق به تكليف.
وأما أيام الأسبوع أو أيام الشهر إذا تداخلت أو زادت على أربع وعشرين ساعة أو قصرت؛ وذلك بسبب سير الطائرة مع الشمس مما يؤدي إلى طول الوقت، أو سيرها عكس الشمس مما يؤدي إلى قِصَره فلا تأثير له؛ لأنه حال استثنائية؛ فلا يقول المسلم: دخلت في اليوم التالي، وأنا لم أكمل الأول، ولا يقول أيضا: امتد اليوم حتى زاد على 24 ساعة.
ومن هذا تعلم أن ما فعلته هنا صحيح، ولا يضرك التداخل في أحد أيام الأسبوع وهو الأحد بين بلدي المغادرة والقدوم. والله أعلم.
والله أعلم. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.