السؤال
في العام الماضي كنت قد بدأت استحضار الخشوع في الصلاة وسرعان ما طورته وقويته بشكل ممتاز خاصة في شهر رمضان لكن سرعان ما تلاشى هذا الإحساس المرهف، أصبحت الآن لا أقدر حتى على حصر تفكيري في الصلاة فكيف أسترجع ذلك الإحساس العظيم؟ جزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فقد سئل بعض السلف عن الخشوع فقال: أقوم وأكبر للصلاة، وأتخيل الصراط تحت قدمي والجنة عن يميني والنار عن شمالي، وأظنها آخر صلاة، فأكبر الله بتعظيم، وأقرأ بتدبر وأركع بخضوع، وأسجد بخشوع.
فالخشوع في الصلاة هو توفيق من الله، يوفق إليه الصادقين المخلصين المخبتين له، ويدل على لزوم الخشوع قول الله جل وعلا: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ}.
وهذه عدة تدابير مساعدة:
أولا: الشوق إلى الصلاة والاستعداد لها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟" قلنا: بلى يا رسول الله. قال: "إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطى إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط. فذلكم الرباط" رواه مسلم، وقال صلى الله عليه وسلم: "لا يزال العبد في صلاة ما كان في مصلاه، ينتظر الصلاة، والملائكة تقول: اللهم اغفر له. اللهم ارحمه. حتى ينصرف أو يحدث" قيل وما يحدث؟ قال: "يفسو أو يضرط" رواه مسلم.
ثانيا: ترديد الآذان، ففيه طرد للشيطان، وتلبية للنداء وتذكير للنفس ولمن حوله.
ثالثا: الطهارة المسبقة، داخلياً وظاهرياً، وطهارة القلب بالتوبة والاستغفار وعلاج القلب من أمراضه هي الطهارة الداخلية الباطنة، ثم الطهارة الخارجية الظاهرة.
رابعا: التدبر، ومنه تدبر كون الصلاة هي صلتك بربك، وتدبر القرآن وهو من أعظم أسباب الخشوع في الصلاة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "قال الله تعالى: قسمت الصلاة بيني عبدي نصفين ولعبدي ما سأل، فإذا قال العبد "الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ" قال تعالى: حمدني عبدي. وإذا قال "مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ" قال مجدني عبدي.وإذا قال "إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ" قال: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل. فإذا قال: "اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ" قال: هذا لعبدي ولعبد ما سأل" رواه مسلم.
خامسا: استشعار التذلل لله جل وعلا في الركوع بانحناء الظهر والجبهة لله سبحانه، مع التفكر في عظمة الله وكبريائه وسلطانه وملكوته، قائلاً: "اللهم لك ركعت، وبك آمنت، ولك أسلمت، خشع لك سمعي وبصري ومخي وعظمي وعصبي"رواه مسلم.
سادسا: استشعار القرب من الله في السجود، قال صلى الله عليه وسلم: "أقرب ما يكون العبد من ربه هو ساجد، فأكثروا الدعاء فيه" رواه مسلم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في سجوده: "سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة" رواه أبو داود والنسائي، ويقول أيضاً: "اللهم اغفر لي ذنبي كله، دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره" رواه مسلم.