28 رجب 1427

السؤال

نحن أربعة طلاب جامعيين، عزمنا بعقد لقاء دوري بيننا للقراءة والاستذكار في علوم الشريعة، واتفقنا على أن أنسب ما يستحق أن يتدارس فيه هو كتاب الله _عز وجل_.. فما توجيهكم _حفظكم الله_ في هذا اللقاء من جميع النواحي (جدواه ، المنهج فيه ، كتب وتفاسير تنصحون بها ....)

أجاب عنها:
د. محمد العواجي

الجواب

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين ومن نهج منهجه وسلك سبيله إلى يوم الدين وبعد: أخي الكريم وفقك الله وسدد خطاك وإخوانك أجمعين، وأُكْبِر فيكم هذه الهمة العالية والرأي السديد وأما سؤالك عن جدوى تدارس كتاب الله _عز وجل_؟ فحسبك قول الحق _تبارك وتعالى_: "وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا" فسماه روحاً تحيا به العقول والعلوم كما تحيا الأبدان بالأرواح، وسماه شفاء "وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خساراً"، وسماه فرقاناً يفرق به المرء بين الحق والباطل "تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً" وغير ذلك من الأسماء والأوصاف التي جعلها الله له في كتابه وقد جمعها الشيخ صالح البليهي _رحمه الله_ في كتاب أسماه ( الهدى والبيان في أسماء القرآن ). وقد وصفك حبيبك المصطفى _صلى الله عليه وسلم_ بأبلغ وصف وأجمله وأحلاه (خيركم من تعلم القرآن وعلمه) وشجع الصحابة الكرام على قراءته والتأمل فيه (أيحب أحدكم أن يغدوا إلى بطحان فيأتي بناقتين كوماوين ... يغدو أحدكم إلى المسجد فيقرأ آيتين خير له من ناقتين وثلاث خير من ثلاث ومن أعدادهن من الإبل). والقرآن ربيع القلوب ونور الصدور وجلاء الأحزان والهموم وهو أساس العلوم وعليه تعرض العقول والأفهام فما وافق القرآن صَحَّ وسلمنا به وما خالفه طرحناه ولم نبال به . وأما المنهج فيه: فالذي أراه يصلح لكن في هذا الزمان وهذه المرحلة العمرية التي تعيشونها فهو باختصار:- 1- يكون لكم حزب يومي تقرؤونه فرادى أو مجتمعين ولو كان قليلاً -فلا قليل مع الاستمرار ولا كثير مع الانقطاع- والأفضل أن لا يقل عن عشرة أوجه من المصحف (نحو نصف جزء من أجزاء القرآن) وأفضل وقت له حسب التجربة بعد صلاة الفجر ولو تيسر أن يكون لكل واحد منكم على حده نصيب من القراءة في ركعات آخر الليل فهو أنفع وأعظم أجراً، ومن الأوقات النافعة للمراجعة والتثبيت قبيل النوم. 2- يكون لكم حظ من حفظ شيء منه إما مقدار أسبوعيٌّ تتعاهدونه يوم الجمعة أو الاثنين أو ما ناسبكم من أيام الأسبوع أو يَوْمِياًٌ إن كنتم تسكنون بقرب بعضكم ولو خمس آيات يومياً – وجهين كل أسبوعٍ فإن استطعتم أكثر من ذلك فلا تتوانوا، ومن المهم الاستفادة من أوقات النشاط كرمضان والإجازة والشهر الأول من كل فصل دراسي...وهكذا. 3- ينبغي أن يكون لكم مجلس تعرضون فيه ما أنجزتموه وما أسباب التخلف فيه وتتداركونها ويشجع بعضكم بعضاً وتأخذون بيد الضعيف، وإياكم وكثرة اللوم أو التجريح أو السخرية ونحو ذلك فإنها بريد الشيطان، ولكن عليكم بتشجيع بعضكم وقراءة سير ومواقف السلف الصالح في ذلك فإن ذلك ينشطكم ، ولو تهيأ أن تعرضوا على قارئ مجود متقن أو مجاز في ذلك فهذا خير ونور على نور . 4- ليكن لكم كتاب تقرؤون فيه المعنى الإجمالي للآيات مثل: (تيسير الكريم الرحمن) للشيخ السعدي أو (زبدة التفسير) للشيخ الأشقر، فهما خلاصة للتفسير مع سلامة ما تضمناه من ناحية الاعتقاد والمعنى والفقه، فإن قدرتم أحياناً على مطالعة تفسير ابن كثير فحسن, إذ فيه علم جم من علوم المتقدمين وفيه خير كثير لا يستغني عنه عالم أو متعلم. 5- ننصحكم بالاستمرار وعدم الغرور بذلك أو العزوف عنه لمقالة فلان أو علاّن فإن الصوارف كثيرة، وكتاب الله منهج أمة وحياة شامل لعلوم الأولين والمتأخرين، وأن يكون لكم هَمٌّ في التفكر في معاني الآيات التي تقرونها أو يقرأها إمام المسجد لاسيما في رمضان والجمعة والفجر وغيرها فما رزق المرء بأفضل من أن يعيش مع كلام ربه. أرأيتم لو جاءكم خطاب من والدٍ أو أميرٍ محبوبٍ ألستم تقرؤونه مراراً وتحتفظون به وتعدونه كنزاً و تفترون به. أليس كلام رب العالمين المُنْعِمِ عليهم بالليل والنهار وبالسر والجهار أولى وأحرى؟ كيف لا؟ وهو منهج يلزمنا اتباعه حرفاً حرفاً وكلمة كلمة. 6- وأخيراً من الكتب التي ننصحكم بمطالعتها كتاب (علُو الهِمَّة) للشيخ محمد إبراهيم الحمد، و(الهمة العالية) للشيخ محمد بن إسماعيل المقدم، و(أين نحن من أخلاق السلف) للشيخ عبدالعزيز الجليل وكتاب (وقفات تربوية) له أيضاً. ونسأل الله لنا ولكم الثبات في الدنيا والآخرة .