1 صفر 1440

السؤال

كنت أخالف والدي كثيراً، وباختصار أعتبر نفسي عاقاً له، وقد توفي رحمه الله وندمت على ما فعلت نحوه، فكيف السبيل إلى تغيير ما سبق من العمل السيئ؟

أجاب عنها:
عبد الله بن حميد

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

فلا شك أنه عقوق، إذا كنت تخالفه في أمور مشروعة، أو في حق له عليك، فهذا عقوق، والله سبحانه وتعالى قرن حق الوالدين مع حقه، قال تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [الإسراء:23]، فقرَن حق الوالدين مع حق الرب سبحانه وتعالى، مما يدل على عظم حق الوالدين، ثم قال: {إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا} [الإسراء:23]، يعني إذا طعن في السن، وبلغ من الكبر ما بلغ، وصار إلى حالة هو فيها ضعيف، فلا ينبغي إلا أن ترحمه، وتعرف له حقه {إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا}، أي لا ترفع صوتك عليهما {وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا} [الإسراء:23]، أي ليناً طيباً سهلاً، {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ} [الإسراء:24]، وتذكر حالك حينما كنت طفلاً، {وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} [الإسراء:24] فإنهم ربوك وأنت صغير، عطفوا عليك وأنفقوا عليك، وإذا مَسَّك مرض ولا سيما الأم، تتمنى أن مرضك ينتقل منك إليها، وتود أنك تنام مرتاحاً وهي ساهرة مريضة، هذه طبيعة الوالدين، فلا ينبغي أن تعق ولا ينبغي أن تستهتر بحق والديك، ولا ينبغي أن تترفع عليهما وتتعاظم عليهما، هما السبب في وجودك، ولو علمت ما في قلب الأم أو الأب عليك لما عملت هذا العمل، ولكن ما دام أنه توفي، فينبغي أن تدعو له، وأن تكثر الدعاء له، والصدقة له، والترحم عليه، وتستغفر وتندم على ما حصل منك، لعل الله أن يقبل دعاءك، وما تهديه من الصدقات له، فيجبر ما حصل منك من العقوق في حياته.

والله تعالى أعلم.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم