27 ذو القعدة 1438

السؤال

أنا إنسان مسلم ، مؤمن بالله واسمائه وصفاته ، موقن بالآخرة ، وبالحساب والجزاء ، لكن عملي قاصر عن ايماني  ، ومعاصي كثيرة ، ومن يرى حالي يعرف كم أنا ضعيف الإيمان ، وهذا الفارق الكبير بين ما في قلبي وبين عملي يزعجني ويقلقني وينكد حياتي ما العمل ؟

أجاب عنها:
د. خالد رُوشه

الجواب

الابن الكريم ، سؤالك دقيق مهم ، وهو معبر عن سبب من اسباب التراجع في أحوال الكثيرين ، هم يقنعون بمعان صائبة ، لكنهم لا يسعون نحو العمل بمقتضاها ..

 

والعقيدة الإيمانية هي منطلق كل عمل ي الإسلام ، إذ ينوي المؤمن بعمله وجه الله سبحانه .

ومبتدا العمل هو قلب المؤمن ، فمن صلح قلبه صلح عمله ، ومن فسد قلبه فسد عمله .

 

وأنت مطالب بتفقد حال قلبك ، وبرعايته ، وعلاج أمراضه ، فيعود سليما معافى ، يملؤه نور الإيمان .

 

وتحتاج يابني ان تحب الطاعة لتصبر عليها وتستمر ، وأن تعرف قدرها وثوابها واثرها النوراني الرائع .

 

والعقيدة السليمة  في ذاتها جديرة بأن تُقوِّم اعوجاج المرء، وتُثبت أقدامه على سبيل الاستقامة و تجعله يعمل ليوم لاريب فيه .

 

واليقين متى ثبت في النفس هانت مشقة الطريق، وصار العمل بعد ذلك برهاناً ودليلاً يحتاج من النفس الصبر والمثابرة والإخلاص وتقديم الباقية على الفانية.

 

وطبيعة الإنسان أنه خلق عجولا، يفضل الآني على القادم، والحالي على المتأخر، حتى لو كان في الباقي والمتأخر الفضل الأكبر والجزاء الأعم، وهذا من جهله وعجلته وقلة حكمته {بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى}.

 

والمرء حتى يقيم نفسه على ما يقتضيه علمه، عليه أن يروض هذه النفس ترويضا، فالنفس دوماً تجنح لهواها ورغباتها وشهواتها، ثم إن الشيطان يستغل خلل النفوس وضعفها أمام رغباتها فيغويها ويحرفها وينسيها ويغفلها.

 

وقد وصف المنهج الإسلامي لنا وصفات مهمة يمكنها أن تعيننا في ذلك:

 

فمن ذلك أن نبدأ ونبادر بالفعل، ولا نعتد بالأماني والكلمات، فقد استعاذ النبي صلى الله عليه وسلم من العجز والكسل.

 

وأن نحيط أنفسنا ببيئة صالحة مناسبة يمكنها أن تعيننا، بل نصحتنا الأحاديث النبوية أن نغير أرض المعصية إلى ارض الطاعة وصحبة الطاعة.

 

وأن نربي أنفسنا على الطاعات شيئاً فشيئا، فخير الأعمال "أدومها وإن قل".

 

وأن نعلم أننا في حرب دائمة مع الشيطان، فنلجأ للرحمن العزيز سبحانه مستعيذين به على الشيطان الرجيم، مكثرين من ذكره سبحانه ودعائه.

 

وأن نجدد التوبة يومياً، والاستغفار دائماً، والعهد مع الله سبحانه بمحاولة البذل والمجاهدة قدر ما نستطيع..