13 شعبان 1438

السؤال

أنا أعاني من كسل بالصلاة وأعاني من فعل المعاصي في الخلوة، وأخشى أن يأتي اليوم الذي أعصي الله فيه ويقبض الله روحي إما كسلانَ عن الصلاة وإما عاصياً بالخلوات.. أنا أعلم أني على خطر عظيم.. كلما قررت التوبة، وقد أتوب أرجع مرة أخرى!

أجاب عنها:
د. خالد رُوشه

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

الابن الكريم، لا يزال الشيطان بالمؤمن يلهيه ويغويه ويغفله، ولا يزال المؤمن يصارع هوى نفسه وضعفها، لكن الله سبحانه يعين المخلصين الصادقين الأتقياء، قال سبحانه: {إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}.

 

والعبد الصالح يلجأ إلى عبودية ربه كما لجأ الصالحون من أهل الكهف إلى كهفهم رعاية وحماية، ويجعل لهم ربهم من أمرهم رشداً، وكهفك هو ذكر الله سبحانه والالتجاء إليه، والدعاء والرجاء واجتناب ما يغضبه سبحانه.

 

فتب إلى ربك، فهو الرحيم، واصبر على التوبة، وجَدِّدها، وأدم الاستغفار، وأتبع السيئة الحسنة تمحها.. ستجد الفرج والمعونة.

 

وبخصوص الكسل عن الصلاة فأنصحك بعدة أمور:

أولا: معرفة قدر الصلاة، والتذكير بذلك حتى لو كنت تعرف وتحفظ، {فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ}.

 

وقدر الصلاة عظيم في الإسلام، هي الصلة بينك وبين ربك، وهي الحبل الواصل بينك وبين السماء، وهي الموئل الذي ود إليه كلما ضاقت بك الدنيا..

 

قال سبحانه: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ}.

وقال صلى الله عليه وسلم: "إن أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة من عمله: صلاته فإن صلحت فقد أفلح وأنجح وإن فسدت فقد خاب وخسر.." الترمذي.

 

وصلاتك إنما هي تطهير لما مضى واستقبال طاهر لما هو قادم، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر».

 

ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أرأيتم لو أن نهراً بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات هل يبقى من درنه شيء؟ قالوا: لا يبقى من درنه شيء، قال: فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا» متفق عليه.

 

ثانيا: أن تعرف النكير الشديد على التهاون فيها:

فالصلاة عمود الدين ومظهره الرئيس بعد التوحيد، وهي شعيرته الكبرى..

 

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مبيناً أهميتها: «بين العبد وبين الشرك أو الكفر ترك الصلاة» الترمذي.

وقال صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر» أخرجه أحمد.

 

ثالثا: الدعاء والرجاء، فلتدع ربك كثيرا أن يثبتك على صلاتك وينشطك لها، ولتلح في دعائك على ذلك فالله سبحانه يجيب الدعوات ويقضي الحاجات.

 

رابعاً: أن تبحث عن تذوق حلاوتها، فمن ذاق حلاوة العبادة استدام عليها، وانظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم كيف يقول لبلال: "أرحنا بالصلاة يا بلال" أخرجه أبو داود.

 

فاسْعَ دوماً أن تناجي ربك فيها، وأن تستشعر معنى القرب فيها، يقول صلى الله عليه وسلم: "أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد" أخرجه مسلم.

 

خامساً: ثم ابحث عن عوائقك تجاه الصلاة فاجتنبها، فلئن كان انشغالاً بلغو أو لهو فتركه واجب لأجل الصلاة، لأن الصلاة مفروضة واجبة، ولئن كانت أموراً مُغفلة فاتركها وسد بابها.

 

سادسا: اتخذ القرار الصائب الآن بالمداومة على الصلاة، وعدم التفريط فيها، فالنجاح قرار والفلاح قرار بالاستعانة بالله.

 

سابعا: أفضل ما يعين على الانتظام في الصلاة وعدم التكاسل عنها أن تؤديها في جماعة في المساجد، فتقيك تسويل الشيطان بالكسل عنها، وتقيك السهو والغفلة فيها، وتجعلك من رواد بيوت الله حيث الرحمة والمغفرة.

 

ثامنا: رتب مواعيدك كلها على الصلاة، وجداولك كذلك، بعد صلاة كذا أو قبل صلاة كذا.. فكذا المؤمن..

 

تاسعا: عاتب نفسك على تأخير الصلاة وعلمها أن تتصدق وأن تستغفر عند التهاون ففي ذلك وسيلة خير للتذكير والتنبيه.

 

عاشرا: صاحب المصلين والصالحين وأهل الخير الذين هم خطاهم إلى المسجد دائمة، قال سبحانه: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا...} الآيات.