5 رجب 1437

السؤال

صديقي بعيد عن الله ولا يصلي ولا يطيع أهله وحياته كلها بنات وأفلام إباحية والمشكلة أنه صديقي منذ مدة طويلة ولا يمكنني أن أتركه ولا أريد دالك بل أريده أن يرجع إلى الله ولكنه يستخف بالدين وعذاب النار.

أجاب عنها:
د. خالد رُوشه

الجواب

بداية أشكر لك اهتمامك بصديقك، وبدعوته إلى الله، ومحاولة تقويمه وخوفك عليه وحرصك على ذلك.
ودعني أقسم ردي عليك إلى قسمين:
فالقسم الأول هو جواب على ماذا تصنع في دعوة صديقك وتقويمه، والبداية حتما لابد أن تكون من بناء فكرته العقائدية، فهذا الذي تصفه هو في حال خطيرة للغاية يمكن معها أن يكون قريبا من هاوية سحيقة، ويجب أن يتم تعديل ما هو فيه من جهل وغي وغفلة، وطريق ذلك أن يجالسه عالم أو داعية خبير، يوقظه من سباته، ويثبت في نفسه معاني الاعتقاد، ويعلمه ما جهل منها، بأن الأمر جد لا هزل، وأن الحق قريب، فربما يكون ما هو فيه نتيجة جهله أو غفلته.
فإن ثبتت في نفسه معاني الخير، وظهر يقينه بربه وباليوم الآخر وبالدين وبعذاب الله سبحانه ونعيمه، وتأكدت من ذلك بوضوح، جاء الدور على توطينه على العبادات عبر صحبة صالحة، تذكره بالخير دائما، وتصحبه إلى مواطن الخير والعلم والذكر والأعمال الصالحات.
وجاء الدور على دفعه إلى دروس العلم ونصيحة الصلاح.
ولا مناص لمن هو في مثل الحال الذي وصفت من أن يبدأ سبيله بتوبة صادقة، يمحو بها ما قد قدم من خطايا، فإن حسنت توبته، نصح بتدبر كتاب الله سبحانه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.. وهكذا
ودورك معه في كل ذلك هو الدعاء له، والتذكير، والنصح، والترغيب والترهيب، والاستعانة بدعاة الخير، وبالعلماء، وإبعاده عن أصدقاء السوء.
القسم الثاني: يتعلق بحماية نفسك أنت منه ومن أمثاله:
فهذا الوصف الذي وصفته لصاحبك هو وصف لصاحب السوء، الذي تحرق ثيابك صحبته كنافخ الكير، بل إنه لو لم يكن جاهلا بما وصفته، وكان عالما مدركا لسخريته بالدين وبالعذاب والنعيم، فإنه يكون في عداد المستهزئين المجرمين.
فاحذر أن توافقه على شيء من خطاياه رغبة منك في أن يستمع إليك، واحذر أن تشاركه معاصيه ولو بالموافقة الصامتة، واحذر أن تصحبه أثناء الذنب بغير إنكار، بل عليك عندئذ مفارقته، والإنكار عليه.
ثم أنصحك – إن فشلت مبادراتك معه في تقويمه ودعوته وتذكيره، وأصر على غفلته وغيه وكبائره ولم يستجب لدعاة الخير مرة ومرة ولم يبد تغيرا أو اهتماما أو تأثرا – أن تفارقه وأمثاله، حرصا على دينك أنت، وحماية لتقواك أنت، فدورك مع صاحبك مشكور محمود حيث ينفعه ويصلحه، وحيث لا يضرك أو يضر دينك، أما إن كان مُصِرّاً فلم ينتفع بجهدك، بل كان مضراً لك ولدينك، فيصير عندئذ صديق سوء تَجِب مفارقته.