22 جمادى الثانية 1437

السؤال

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته.. أخي الفاضل.. أنا شاب متزوج منذ سبعة أشهر.. أعاني مشكلة أن زوجتي لا تستجيب لي من أول مرة.. وترد علي في كلامها، وتبوح بكل شيء إلى أمها..
وإذا طلبت منها أن تساعد أمي في شغل البيت تقول إنها ليست جارية أو خادمة..! علما بأننا نعيش ونأكل جميعا في بيت واحد.. وأنا شديد الحب تجاه أمي ولا أتحمل أن تشكو أمي؛ فإذا شكت منها أحسست بأن زوجتي عدوة لي وأكره رؤيتها أمامي..!
أريد منك أخي أن تدعو لي أولا.. ثم تدلني ماذا أفعل؟! علما بأني أفكر في الطلاق مما أراه من مشاكل وتعب ...وجزاك الله كل خير..

أجاب عنها:
خالد عبداللطيف

الجواب

مرحبا بك أخي في موقع المسلم، وفقك الله وأعانك وأصلح لك شأنك كله!
مشكلتك تتمثل في:
جدال زوجتك لك وردها عليك، وإخبارها لأمها بما يدور بينكما.
ومن جهة أخرى: رفضها خدمة أمك واعتبارها القيام بذلك امتهانا لها.
أخي الكريم..
لقد عظّم الله تعالى حق الزوج على زوجته، وجعل من أهم أسباب دخولها الجنة: طاعة زوجها بالمعروف، كما في مسند الإمام أحمد عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وحفظت فرجها وأطاعت زوجها قيل لها ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت" (صححه الألباني).
بل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في تأكيد عظم هذا الحق: "لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها" (رواه الترمذي وصححه الألباني).
ولا شك في أن جدال زوجتك لك وإفشاء ما يدور بينكما يتنافى مع صفات الزوجة الصالحة المطيعة لزوجها بالمعروف، وأن الواجب في حقها هو احترامك وتقديرك وتجنب ما يسوؤك.
لكن – أخي - حين ننظر في حداثة الزواج (حيث مضت عليه سبعة أشهر فقط)، وكذلك حداثة عمر الزوجة بطبيعة الحال، وقرب عهدها ببيت كانت فيه فتاة في كنف أهلها.. نجد أنها بحاجة إلى شيء من الصبر الجميل مع الوعظ بالمعروف، وبيان حقك عليها وما جاء فيه من النصوص الشرعية التي تؤكده؛ ولعل ذلك يتم من جهتك وكذلك من جهة بعض عقلاء العائلة الأخيار؛ فلعل زوجتك لا تدرك مدى هذا الحق، أو مغبة التفريط فيه!
وقد أمر المولى جل وعلا بسلوك سبيل الوعظ مع الزوجة عند استشعار نشوزها وترفعها على زوجها؛ فقال سبحانه: {وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا} (النساء/34). كما تضمنت الآية الكريمة الوسائل الأخرى التي تلي الوعظ؛ من الهجر، ثم الضرب غير المبرح، بحسب الحاجة، ما لم ينفع الوعظ والنصح.
فهذا أخي فيما يتعلق بالجدال وسوء العشرة!
أما ما يتعلق بخدمة أمك الكريمة.. فالأمر يختلف؛ فليس من حقوق الزوج على زوجته خدمتها لأحد من أهله، إلا أن تتطوع الزوجة بتلك الخدمة برضا من نفسها، على سبيل الإحسان.
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله" :- أم الزوج ليس لها حق واجب على الزوجة بالنسبة للخدمة؛ لكن لها حق مِن المعروف، والإحسان، وهذا مما يجلب مودة الزوج لزوجته، أن تراعي أمه في مصالحها، وتخدمها في الأمر اليسير، وأن تزورها من حين لآخر، وأن تستشيرها في بعض الأمور. وأما وجوب الخدمة: فلا تجب "(لقاءات الباب المفتوح - السؤال 14 .(
ومن هنا أخي الكريم - وكما يلزم زوجتك طاعتك ومعاشرتك بالمعروف - فيجب عليك ألا تلزمها بما لا يلزمها به الشرع؛ فلا طاعة لك عليها بشأن خدمة أهلك.
لكن هذا لا يمنع من وعظ الزوجة ونصحها بأسلوب طيب في أن تحتسب الأجر في تلبية رغبة زوجها ورعاية أمه بقدر ما تستطيع .
أخي الكريم
أوصيك - وأنت في بدايات حياتك الأسرية - أن تسلك مع زوجتك سبيل الرفق والحكمة، والنصيحة الهادئة، والترغيب في الخير وطلب المثوبة من الله تعالى. فأشعرها بحبك وحدبك عليها، وأنها شريكة حياة تصنعان معا فيها الخير وطريق السعادة. والتمس من يتعاون معك في نصحها ممن تثق به من أهل الخير من أقاربها.
وتذكر أخي - وأنت تفعل ذلك كله - الوصية بتقوى الله في النساء؛ حيث قال رسول الهدى صلى الله عليه وسلم: "فاتقوا اللَّه فِي النساء فإِنكم أَخذتموهن بأَمان اللَّه واستحللتم فروجهن" (رواه مسلم)، وقال صلى الله عليه وسلم: "خيركم خيركم لأهله" (رواه الترمذي وابن ماجه وصححه الألباني).
وأرجو - بإذن الله وعونه - باتباع هذه الخطوات والصبر على ثمرتها أن ترى ما يسرك مع مرور الوقت، أصلح الله لك زوجك وشأنك كله، وألف بينكما في مرضاته وطاعته.