السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أريد أن أفضي لكم بما في داخلي وأن اكتسب النصيحة منكم.. فقبل الزواج كانت لدي علاقات وكلها لم تصل لمرحلة جسدية، بل محادثات فقط.. وبعد الزواج وفي بدايته تركت هذه الأمور كلها وابتعدت عنها.. ولَم يكن أمامي غير زوجتي.ثم حدثت بيني وبينها مشاكل وكانت الأغلبية العظمى من قبلها.. ولكن كنت على يقين بطيب معدنها ونيتها.. لكن تكررت الأخطاء وازدادت (العصبية) والانفعالات.. ومرت أول ثلاث سنوات وكأن زوجتي ليست معي وافتقدنا الإحساس بالحب والرومانسية.. وأصارحكم بأني عند تكرار الأخطاء كنت أهينها وأجرحها لكيلا تكررها!
وفي السنة الثالثة اتفقنا أن ننسى الماضي.. علاقتي كانت اجتماعية بشكل كبير مع البيت بأكمله.. وكانت لدى زوجتي أخت مراهقة كبرت حتى أصبحت بالعشرين.. واقتربنا مثل الإخوان لا غير(!!) فتمادى الأمر إلى سماع صوتها وهي تغنى وشجعتها بأن صوتها جميل.. ونيتي طيبة(!!). وبعدها أرسلت لي صورتها وهي متزينة فأبديت إعجابي لكي أشجعها لأن المجتمع يحطم البنات من العنوسة..! وهكذا صورة بعد صورة حتى غزا فكري الشيطان وتماديت فسألتها عن أشياء خاصة جدا وتتعلق بالجنس!
ومن بعدها صحوت من غفوتي بعد ما اعتدلت الأمور بيني وبين زوجتي وندمت وتبت إلى الله وأصبحت أصلي وأعبده وأستغفره.. ولاحظت زوجتي التغير الإيجابي..! لكن للأسف بعد حوالي أسبوع اكتشفت زوجتي عن طريق المحادثات علاقتي بأختها..! ولم أدافع عن نفسي.. ولكني أعلم كم جنيت على زوجتي وأهنتها.. وهي حين اكتشفت الأمر أعلنت الحرب وثارت علي، وأنا تحملت وقلت لها بأني سوف أتحمل ولكن إلا الطلاق فقد رزقنا الله بعيال.. ولكنها مازالت ثائرة وتلعني وتشتمني.. وأنا أتركها ولم أعارض غير اللعن وذكرت لها خطورة اللعن!
يدور في بالي أن أستمر بتوبتي فهي توبة بيني وبين نفسي وربي يعلم بصدقها وهو غفور رحيم وعسى أن يلين قلبها ويهدي النفوس.. فأنا أحب زوجتي ولا أتصور العيش بدونها.. ولكن تتوالى منها الإهانات والتهديد بالقتل والتدمير وتطلب الطلاق!
أفيدوني فأنا في حيرة..؟!
الجواب
مرحبا بك أخي في موقع المسلم، وفقك الله وغفر لك وأصلح لك شأنك كله!
مشكلتك تتمثل في جانبين:
الأول: العلاقة المتوترة بينك وبين زوجتك في أول ثلاث سنوات للزواج.. والتي اتسمت بالانفعالات وتبادل الإساءات!
والآخر: اكتشاف زوجتك (بعدما اتفقتما على نسيان الماضي) وجود علاقة محرمة لك بأختها تتمثل في تبادل المحادثات والصور وتصل إلى حد الكلام في أمور الجنس. ومن ثم ثورتها الشديدة ومطالبتها بالطلاق.
أخي الكريم..
غفر الله وتقبل توبتك؛ وأعانك وسددك، فقد وقفت بأقدام ثابتة وطيبة على أول طريق حل مشكلتك؛ زادك الله حرصا وتوفيقا!
نعم أخي.. لا شك أن ما ابتليت به من شقاق هو أثر ونتيجة لاتباع خطوات الشيطان، الذي يستدرج كل غافل حتى يوقعه في المحرمات والمنكرات والفساد، فضلا عما يترتب على المنكرات من آثار وعقوبات دنوية يشعر بها المرء في حياته؛ لتكون نذيرا له؛ قال تعالي: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاء وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (النور/21).
فإن تاب العبد وأناب.. وأصلح ما بينه وبين الله تعالى.. أصلح الله ما بينه وبين الناس! قال جل وعلا: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ...} (الطلاق/2-3)، وقال سبحانه: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا) (الطلاق/ 4).
وقد أحسنت أخي وأصبت حين قلت: "يدور في بالي أن أستمر بتوبتي فهي توبة بيني وبين نفسي وربي يعلم بصدقها وهو غفور رحيم وعسى أن يلين قلبها ويهدي النفوس"! فلا شك أن هذا هو سبيل صلاح دينك ودنياك، مع شيء الصبر والمصابرة تجاه حالة زوجتك التي نتجت عن استشعارها الخيانة، وفي توقيت حرج تتفقان فيه على المصالحة!
وأوصيك أخي أن تضم إلى التوبة والإنابة: الحرص على العبادات.. والإلحاح في الدعاء والتضرع في أوقات الإجابة؛ فالله تعالى هو مالك الملك ومقلب القلوب وبيده صلاح شأنك كله؛ فلا تفتر عن دعائه ورجائه.
كما أوصيك أخي أن توّسط بينك وبين زوجتك أشخاصاً آخرين من كبار وفضلاء العائلتين؛ وأن تعدها بالإقلاع عن ذلك تماماً، وأن تقطع صلتك بأختها تماماً، بل تقطع صلة البيت كله بأختها، لعل الله أن يكتب الخير لك ولأسرتك. وأن تظل خلال مساعي الصلح مرابطاً على حلمك وصبرك تجاه ما يبدر من زوجتك، وثق أن هذا كله سيكون رصيداً لك في قلبها حين يتم الصلح بينكما!
فلا تتسرع أخي أو تندفع في لحظة يأس أمام عناد الزوجة وإصرارها على الطلاق؛ فأغلب الظن أنها (ومعظم النساء) تطلبه في حالة غضب وإحباط.. ومع مرور الوقت تتغير الأحوال والنفسيات إلى الأفضل بإذن الله. كيف وأنت تعلم أنك المتسبب في هذه المحنة؟!
أخي الكريم
لا أريد أن أخوض معك فيما سلف من حياتك وما كنت عليه من مقارفة للذنوب والمنكرات؛ حيث أكدت توبتك وإقبالك على ربك. ولكن.. الثبات الثبات أخي الكريم؛ فقد سلكت أعظم الطرق لصلاح الدنيا والآخرة.
وفقك الله ورزقك الصدق والثبات.. وجمع شملك وأهلك.