السؤال
السلام عليكم، وبعد:
سؤالي هو كيف أدعو غير الملتزمين أو بمعني آخر المقصرين، إلى ترك الشهوات؟ العالم من حولنا أصبح يتخذ إلهه هواه، أخاف أن أنصحهم فينفرون، لا أعرف ما الطريقة لنصحهم وإرشادهم دون جرح مشاعرهم.. أخاف عندما أدعوهم أن أكون كما قيل [ما أحد يحدث قومًا بحديث لا تبلغه عقولهم إلا كان فتنة على بعضهم]. أنا أعترف أني مقصرة ولكني إلى حد كبير أملك من العلم ما لا يملكونه؛ فقد درست العقيدة والفقه والتفسير، أريد أن أنتفع وأنفع بما درست... وشكراً.
الجواب
السائل الكريم
سؤالك ينضح بحرصك على الناس، ورغبتك في دعوتهم وتعليمهم وشفقتك عليهم، وخوفك من نفورهم وبعدهم، فجزاك الله خير الجزاء على ذلك الشعور الإيجابي الرائع.
ولا أستطيع ههنا إلا أن أقدم لك بعض الأسس المهمة حول ما سألت لعل الله سبحانك أن يعينك بها:
أولا: استصحابك لشعور الشفقة والرحمة على الناس شيء إيجابي مشكور، وهو من صفات الدعاة الصالحين، فاصبر عليه، واثبت عليه، لكن احذر أن يجرك لموافقتهم على معاصيهم وآثامهم، ومشاركتهم في غفلتهم وبل ليكن هناك حزم منك أمام الآثام، فلا تشاركه في إثم ولا تقعد معهم في منكر.
ثانيا: إياك أن تهلك نفسك مع من تدعو، فإن واجبك هو بذل الجهد العلمي المدروس، والعطاء قدر الاستطاعة، والبلاغ، لكن احذر أن ينسيك هذا عبادتك لربك وتقربك منه سبحانه، فلا دعوة بغير عبادة، ولا بغير علم، كما أحذرك أن تكون "باخع نفسك" للناس المعرضين، ابذل جهدك، وقدمه للأقرب فالأقرب والأيسر فالأيسر، والمقبل فالمقبل، والمحب فالمحب.. وهكذا،، حتى تصل إلى دائرة المعرضين والرافضين وهكذا، فمقصودي ههنا أن تجعل للناس دوائر تبدأ بالعمل فيها مركزها نفسك ثم مقربوك ثم أصدقاؤك ثم جيرانك ثم الأقرب فالأقرب وهكذا.
ثالثا: لا تستح أو تخش أن تعرض دينك وتبين رسالة نبيك صلى الله عليه وسلم، فأهل الفسوق لا يستحون من عرض فسوقهم وأهل الفجور في كل مكان يتجرؤون بفجورهم، ونحن معنا الحق فلنعلنه ولنبينه للناس، فقط ما أمرك به أن تحسن عرض فكرتك ورسالتك بأساليب جميلة ورقيقة ومبسطة للناس.
رابعا: ليكن اعتمادك على الله سبحانه دوما في دعوتك الناس إلى الله، وتوكلك عليه، وليكن الدعاء قرينك قبل أن تلقاهم، تدعو الله لهم أن يفتح قلوبهم لدعوتك، وأن يشرح صدورهم لتفهم رسالتك.
خامسا: احرص على تعلم ما تدعو إليه جيدا، وصغه في أحسن صورة، واضرب عليه الأمثلة السهلة الجذابة، ووضحه بالحكاية الشيقة، وحدثهم بلغتهم، واختر أوقات الحديث والدعوة بما يليق بها.
سادسا: احرص أن تكون سيرتك بينهم سيرة صالحة وذكرك عندهم ذكراً حسناً، لست أعني بذلك أن تهتم بصورتك لتتجمل بينهم، لا، بل ابعد نفسك عن الشبهات والشهوات، واستغن عن الناس بالله سبحانه.
سابعا: اختر لنفسك صحبة صالحة تعينك على الخير وتثبتك عند التردد وتبث فيك الأمل عند لحظات الهم.
ثامنا: تفقد قلبك دائماً؛ فهو مدار العمل، وهو مدار السلوك، فنقِّه، وطهِّره، واربطه بالله سبحانه دائماً.
وفقك الله لكل خير.