السؤال
زوجتي شخصيتها ضعيفة وليس عندها أسلوب حضاري وراقٍ معي، وخصوصا في حضور أمها التي أعتبرها سبب تعاستي بالحياة! ومع أني ألبي لزوجتي ما تطلبه.. لكن في كل زيارة لأهلها تتغير وتخبر أمها عن كل شيء حتى حياتنا الشخصية!
تحدثت معها بكل الطرق وأن هذا عيب وغير أخلاقي.. لكنها جاهلة وغير متعلمة ولا تتغير! لنا أربع سنوات ما ذقت طعم الهناء والراحة..! وأمها تطالب بأشياء خيالية.. وزوجتي تريد تنفيذها! وللعلم لي بنت منها!
ماذا أفعل؟ هل أطالبها ببيت الطاعة وأطلقها؟ لقد ضاقت علي الدنيا والسبب عمتي (أمها) أرجو منكم إفادتي..!
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.. ومرحبا بك أخي الكريم في موقع المسلم... وأصلح الله لك شأنك كله، ووفقك لما يحبه ويرضاه.
مشكلتك أخي حسب وصفك مركّبة من شقين: فالزوجة جاهلة وضعيفة الشخصية، وأمها بخلاف ذلك وتتسلط على تصرفاتها، وأنت تعاني من الأمرين!
وأقول لك أخي الحبيب:
هوّن الأمر؛ ففي البيوت من المشكلات والابتلاءات ما لا تقارن حالتك به، وما لو علمته لقلت: الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاهم به وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلا!
وتذكر أخي المبارك الوصية النبوية العظيمة: "لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها آخر" (رواه مسلم). – يفرك: أي يكره ويبغض -.
وتذكر كذلك أيها الكريم الطيب أنك اخترت هذه الزوجة وأنت تعرف مقدار علمها وجهلها؛ فلا تجزع من أمر سبق في علمك يوم طرقت الباب تطلب الزواج بها؛ حتى لا تظلمها بما لم يخدعك به أحد!!
وتذكر كذلك أن بينكما عشرة 4 سنوات وطفلة.. فلا تستهن بكلمة "طلاق"!
ومع ذلك أخي.. فقد تأملت في الجانب الآخر الطيب من هذه الصورة التي رسمتها لمعاناتك.. فوجدت ما يلي؛ مما لو عايشته لانقلبت حالك بكل خير بإذن الله:
فكون الزوجة جاهلة يتيح لك - وأنت زوجها الذي يخالطها ويعايشها بالليل والنهار – أن تعلمها الخير وترفق بها وتحتسب عظيم الأجر في ذلك، ولكن لن يتم ذلك لك إلا بحب وشفقة، وتشجيع ورحمة؛ فتحبب إليها الخصال الجميلة والتعامل الحضاري المهذب الجميل، وتصبر على الثمرة. وأنت في ذلك بين إحدي الحسنيين أو كليهما؛ أن تقرّ عينك بتحسن أحوالها مع الوقت، وأن تجني المثوبة من الكريم المنان وهي خير وأبقى!
أما شأن أمها الكريمة.. فأقول لأخي (العاقل):
ومَن مِن النساء (متعلمات أو جاهلات) لا تتأثر بأمها؟!
كما أني لا أجد بين سطورك ما يشعر بتسلط أو إساءة مباشرة من أمها تجاهك.. اللهم إلا ما يدور بينها وبين ابنتها.. فهذا دواؤه – أخي اللبيب – ما بين وعد كريم بما تستطيع، وكلمة طيبة لما لا تستطيع، دون صخب أو ضجيج.. فقط {ادفع بالتي هي أحسن..}، واستعمل الرفق في شأنك كله!
ولعلي في الختام - أخي المبارك - أذكر لك صورة نبيلة جميلة مؤثرة من حال أحد رجال سلفنا الصالح.. وهو أبو عثمان النيسابوري، الذي عاش خمس عشرة سنة مع زوجة عوراء عرجاء مشوهة، شديدة الغيرة عليه، ومع ذلك كان يعاملها بالصبر الجميل والحرص العظيم على حفظ قلبها، دون تبرم أو تسخط، حتى توفاها الله تعالى بعد هذه السنين!!
فأين أنت أخي من حال أبي عثمان رحمه الله؟!
وأين زوجتك الكريمة من هذه الأوصاف؟!
لا شك أنها أفضل بكثير! وأن حالك أخف من حال الرجل بمراحل!
فاحمد الله، واحدب على بيتك وابنتك وزوجتك، والجأ إلى المولى جل وعلا أن يعينك فيهم ويلهمك التوفيق والرفق في الأمر كله.