بيوت مطمئنة
إنه أحد أضلاع مثلث السعادة في الدنيا , فلا المال يعوضه , ولا زينة الدنيا كلها تعدله , إن فُقد في أسرة فسد حالها وأصبح أفرادها كورقة تعبث بها الرياح الهوجاء , وقد قال عنه رسولنا صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الترمذي وحسنه الألباني " من أصبح منكم آمنا في سربه معافى في جسده عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا " .
إن مجتمعاتنا تلك التي تعيش الآن في صراعات متشابكة على المصالح الخاصة لفي أمس الحاجة إلى فهم ذلك المعنى العظيم, الذي ينادينا أن سارعوا إلى إسعاد الناس في يوم عيدهم وتفريج الكرب عنهم وتخفيف آلامهم وإطعام جائعهم وقضاء الدين عن مدينهم, وإهداء السرور لحزينهم..
إن هذه الأيام الفاضلة أيام لا تعوض , وهي فرصة تربوية هائلة يمكن استثمارها في رفع المستوى الإيماني للأسرة كلها وخصوصا الأطفال الذين ينشئون على ما عودهم أهلوهم , فلا يستوي من غرس في أبنائه تعظيم وتوقير شعائر الله مع من ترك لأبنائه الحبل على الغارب , وكلكم راع ومسئول عن رعيته .
وربما هذه الصفات تساعد في تغيير الوضع الروتيني لليوم المعتاد لدي الزوجين وتبدل ذلك الروتين بحياة متغيرة كل يوم فتجعل في اليوم المليء بالغيوم خيطا أبيض يشع ... بل قد يكون له تأثير فتنقلب السحابة السوداء في ذلك اليوم إلى يوم مشرق دافئ .
يبدأ الطفل حياته معتمدًا على غيره حتى في أبسط شئون حياته والتي لا يمكن أن يعيش بدونها ( كالمأكل والمشرب )، فهو يعتمد على الرضاعة من أمه كمصدر للغذاء، والطبيعي أن يُفطم الطفل بعد حولين من الرضاعة، ولكن للأسف الكثير من أطفالنا لم يُفطموا رغم تعديهم حولين الرضاعة بفترات زمنية فارقة.
الأبناء في صغرهم في قبضة الأبوين , يحيطونهم من كل جانب خوفا عليهم , ويوما فيوما يبدأ الأبناء في الخروج من القوقعة التي كانوا يعيشون فيها منبهرين بالعالم الجديد خيره وشره ... وهنا تبدأ الأخطار
وقد تتكدس الشوارع بالشباب , منهم من يتجمع بالنواصي , ومنهم من يتجمع بالمقاهي , غير الذين يتجمعون بالنوادي والصالات وغيرها..
إن القلق المبالغ فيه على الابن يسبب له أضرارا نفسية ربما تتساوى أو تزيد عن أضرار الإهمال الكامل من الأم , فكلاهما طرفا نقيض ضار غير نافع , والتوسط بينهما هو الحسنة بين السيئتين , وهو خير الأمور في الأقوال والأفعال
لقد وصلتني الكثير من الاستشارات التي أثارت قضايا تلك الأخطاء التي كان الجوال سببا رئيسا فيها , منها استخدام الجوال كوسيلة من وسائل المعاكسات التي تسببت بدورها في إفساد كثير من العلاقات الزوجية , إذ يقوم بعض السفهاء بانتهاز فرصة غياب الرجل عن بيته ويبدأ في استدراج ربة البيت بكل أساليبه الشيطانية فبعض النساء غاب عنهن الإيمان الحقيقي
فبعد التعرف الحقيقي على العواطف تأتي النقطة الأهم وهي إدارة تلك العواطف بما يخدم مصلحة الفرد، كقدرة الفرد على تهدئة نفسه في حالة غضبه، أو كبح جماح التوتر والقلق الذي يشعر به في المواقف الجديدة أو الخطرة، والفرد الذي يفتقر إلى تلك المقدرة يعيش في صراع مستمر بين عواطفه المختلفة، أما الفرد الذي يمتلكها فهو ذلك الفرد الذي يستطيع أن يقوم
إن الأمور التي استهانت بها النساء كثيرة لكن الأمر الأخطر اخبار النبي صلى الله عليه وسلم " بأن النساء أكثر أهل النار " فكان ذلك سببا في البحث عن المشاكل التي تخوضها النساء لذلك , فنحن ننصح أنفسنا قبل أن ننصح الأخريات فعلينا أن نستيقظ من تلك الغفلة واللهو والإعراض وأن نتصالح مع خالقنا الذي وهبنا الكثير من النعم وبادلناه ذلك بالعصيان , ثم نتصالح مع انفسنا
إننا بهذا نقدم لنا ولشبابنا معاني أخرى جديدة ، نجتهد في إضفائها في كل عيد حتى يكون دائما عيد عزة ومجد ، وحتى يشعرنا بأننا بعزائمنا تتحقق الآمال وعلى كواهلنا المتينة تحمل الأثقال ، وبمجهوداتنا تتقدم البلاد وتزدهر الأوطان
وتلك الحمى لا تقل خطورة وقد تعادل الإدمان ، ويمكن لنا أن نعرف تلك الحالة من هوس الشراء بأنها عملية هروب للفرد من واقعه والمشاكل التي تحاصره إلى حالة من اللذة والمتعة يجدها في شراء وامتلاك الحاجيات؛ أيًا كانت تلك الحاجيات أو درجة حاجته لاستخدامها، كل ذلك من أجل رفع الروح المعنوية له، وتغيير حالته المزاجية من حالة غير سارة يعيش بها، إلى اصطناع حالة سارة يعيش فيها.
ونترك كل ما يقف حائلا بيننا وبين خالقنا لقبول دعائنا فحيئذ نرفع أيدينا للسماء في ذلك الشهر راجين الصفح والغفران بدعوة خالصة نقية تصل إليه سبحانه فتعرج إليه صاعدة فيتقبلها ربنا بقبول حسن .إنه كتاب الله تعالى الذي علمنا وسنة نبيه صل الله عليه وسلم تشهد وتوضح لنا كيف نسير وهي تحث على أن نخلص العبادة له سبحانه وتعالى ونتمسك بكل ما جاء عنه
" إذا كان صغيراً لم يبلغ فإنه لا يلزمه الصوم ، ولكن إذا كان يستطيعه دون مشقة فإنه يؤمر به ، وكان الصحابة رضي الله عنهم يُصوِّمون أولادهم ، حتى إن الصغير منهم ليبكي فيعطونه اللعب يتلهى بها ، ولكن إذا ثبت أن هذا يضره فإنه يمنع منه ، وإذا كان الله سبحانه وتعالى منعنا من إعطاء الصغار أموالهم خوفاً من الإفساد بها ، فإن خوف إضرار الأبدان من باب أولى أن نمنعهم منه ، ولكن المنع يكون عن غير طريق القسوة ، فإنها لا تنبغي في معاملة الأولاد عند تربيتهم "
وكلمة أخيرة أن الأمر عائد إليكما أيها الوالدين في تكوين ذاكرة إيجابية لدى صغاركم حول هذا الشهر الكريم، فتعامل الأب والأم مع الطفل أثناء الصيام بشيء من الغلظة والعصبية مع التحجج بالصيام هو ذاكرة سلبية لرمضان تخزن لدى الطفل، وتؤثر في اتجاهاته وسلوكه نحو هذا الشهر العظيم، لذا يجب على الوالدين تكوين ذاكرة سعيدة ومبهجة لصغارهم نحو هذا الشهر الفضيل.
وقد طبق النبي صلى الله عليه وسلم تجربة تربوية ناجحة يحكيها لنا تابعه الصحابي الجليل أنس بن مالك فيقول : "لقد خدمت النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين، فما قال لي عن شىء فعلته لم فعلت ذلك ولا عن شىء لم أفعله لم لم تفعل ذلك، ولم يعبس في وجهي قط" .. يبقى أن تعلم أن أنسا هذا رضي الله عنه قد صار شخصية من أهم الشخصيات الإسلامية على مر العصور سواء في المجال العلمي أو النهضوي الحضاري .
إن ذلك الحرمان من الألعاب قد يظل في ذاكرة الطفل حتى بعدما يكبر , وقد نجد آباء قد حرموا في صغرهم كثيرا من الألعاب , فكانت النتيجة احساسهم بذلك الحرمان حتى بعدما كبروا وغمر الشيب رؤوسهم مازالوا يتذكرون ذلك , فتجدهم عوضوا ذلك الحرمان عندهم بإشباع ابنائهم من الألعاب المتعددة المختلفة مهما كان ثمنها , وهنا نقطة نظام , فالهدف نبيل لكن كثرة الألعاب بلافائدة أيضا ليست ذات أثر إيجابي دائم , ليكن اختيارنا معتدلا ولنسعى نحو استفادة الطفل من كل لعبة ومن مضمونها ولا يكون هدفنا إغراق الإبن في بحر اللعب !
ففي أبسط المواقف اليومية قد لا تلجأ ربة المنزل لتجربة طهي صنف جديد من الطعام لا تعرفه إلا بعد سؤال المجربين أو البحث عن معلومات حول كيفية طهيه والمقادير الواجبة لكي لا تقع في الخطأ , وبينما يتطلب شراء جهاز الكتروني بسيط من رب الأسرة أن يبحث ويقرأ المواصفات والخصائص وسبل التشغيل والمشاكل وحلولها والمحاذير لتلافيها , وكلاهما يرفض مطلقا فكرة أن يجرب ثم يتعلم من خطئه ويعتبرها فكرة خاطئة تماما إذ تكلفهم ضياع الوقت أو الجهد أو المال .
ولكن الخلل والخطر عندما يبتعد أحدهما أو يفتقد الصفات التي يجب أن تتوفر فيه فيضطر الآخر كمحاولة منه لتعويض الأبناء أو للمحافظة على الكيان الأسري كله أن يحاول أن يكتسب بعض الصفات التي كان من المفترض ان تكون في زوجه , فتحدث مشكلة تربوية كبرى للأبناء وربما تؤثر على البيت كله .
فالله قريب مجيب الدعاء , فلنستودع ابناءنا عنده سبحانه كل يوم فإنه لا يضيع ودائعه .
فليكن راسخا في قلبك ياولدي أننا مهما باعدت بيننا الأيام .." إن الله سيرعـــاك "
إن ديننا العظيم الذي دائما ما يوجهنا ويجعل لنا الحلول من كل العواقب والمشكلات التي تقف أمامنا فلما كان هذا الأمر يشكل مشكلة عند المرأة أجاز لها التشريع ما يبعدها عن كل ما يغضب الله تعالى منها , وقد وضحت لنا السنة النبوية أن للرجل والمرأة حق في تغيير الشيب فقال عليه والصلاة والسلام " غيروا هذا بشيء واجتنبوا السواد " رواه مسلم
فهل لي أن أسائل نفسي وقارئي : متى الأيام تنجب مثل ذاك النموذج التربوي الساحر؟ ومتى المجتمع المسلم يرعى أمثال تلك اللبنات المجتمعية الفائقة الروعة ؟ فلا يقتصر حديثنا حولها حول الرجاءات والآمال والأمنيات , فتتحول من أمل إلى واقع , ومن منى إلى تطبيق , ذاك أن ديننا ميسور مقدور التنفيذ , ومنهجنا التربوي قابل العمل سريع الأثر , وبين أيدينا كلام ربنا , ووصايا نبينا
لن يستطيع الأبناء أن يتعلموا أصول التربية والحياة الأسرية الصحيحة ما لم يشاهدوها واقعا عمليا في حياتهم وسلوكيا في أسرهم , فلن تجدي معهم الكلمات ولا النصائح ما لم يكن الأبوان قد طبقا هذا فعليا في حياتهما , ولن تكون كلمات الإرشاد من الوالدين مؤثرة إلا إذا صحبها سلوك مزدوج ومتناغم داخل الأسرة بين الأب والأم .
ربما كان الجيل الحالي أحسن حظا من الجيل الذي سبقه في نواح عدة أغلبها في مجال التقنية , فقد يُسر لهم اقتناء آلات وأدوات ومستلزمات يسرت لهم سبل الحياة بما لم يخطر على عقل وقلب أحد من أبناء الجيل السابق , لكن فارقا مهما وجديرا بالتوقف عنده حين المقارنة بين الجيلين , وهو أن الجيل السابق كان نصيبه أعظم بكثير في مجال الثقافة والتربية الأسرية والتدرب على تحمل