القاعدة الثانية والخمسون: اجعلوا بيوتكم عامرة بالذِّكر ولا تجعلوها مقابرَ
14 شعبان 1441
أ. د . ناصر بن سليمان العمر

كلُّ عاقلٍ يبحثُ عنِ البيتِ الذي تشيع فيه السعادةُ وتحضر فيه الرحمةُ ويجد فيه الأُنسَ، ولا يحبُّ أن يكون بيتُه كالمقبرة تخيمُ عليها الوحشةُ، ويظهر على وجوه مرتاديها الحزن!
 

والنبي صلى الله عليه وسلم لا يرضى للمؤمن أن يكون بيته كذلك! ولهذا جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا تجعلوا بيوتَكم مقابرَ، إنَّ الشيطانَ ينفِرُ منَ البيتِ الذِي تُقرأُ فيهِ سورةُ البقرة)، وعندَ الإمامِ أحمد: (يَفِرُّ منَ البيتِ الذي تُقرأ فيه سورةُ البقرة).
 

فالبيوتُ بيتانِ؛ بيتٌ يُقرأُ فيهِ القرآنُ، فهوَ بيتُ السَّعةِ والرحمة والإيمانِ والأُنس، وعليه تنزل ملائكةُ الرحمنِ، وبيتٌ يبيتُ فيه الشيطانُ، وتأوِي إليه الهوامُّ، كما في الخبر الآخر عن ابن سيرين أنه قال: ”البيت الذي يقرأ فيه القرآن تحضره الملائكة وتخرج منه الشياطين ويتسع بأهله ويكثر خيره، والبيت الذي لا يقرأ فيه القرآن تحضره الشياطين، وتخرج منه الملائكة، ويضيق بأهله ويقل خيره“، وهو مقتضى الخبر الذي قبله، فإذا كان الشيطان يفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة فهذا يعني أنه يقرّ في البيت الذي لا تقرأ فيه! نعوذ بالله أن تكون بيوتنا خَرِبة! فلذلكَ علينا أنْ نجعلَ نصيبًا منْ تلاوتِنا للقرآنِ في بيوتِنا، وأنْ تكونَ هُناكَ حلقاتٌ قرآنيةٌ للأبناءِ في البيوتِ، معَ دوامِ السؤالِ والمتابعةِ لهمْ عنْ مواظبتِهم على قراءةِ القرءانِ.
 

ولابدَّ منْ جعلِ نصيبٍ منَ الصلاةِ في البيوتِ، فكثير من النوافلِ صلاتُها في البيتِ خيرٌ من المسجدِ، وصلاةَ المرأةِ في بيتِها أعظمُ فضلًا، وإذا عمر البيت بالصلاة والقرآن نزلت فيه الرحمة وحفته السكينةِ وحضرته الملائكة، وأمَّا منْ أعرضَ عنِ القرآنِ فهو أهل لأن يأوي الشيطان إليهِ ويشاركه بيته طعامًا وشرابًا وبياتًا، وإذا وُجدتِ الشياطينُ في البيوتِ أفسدوا الحياةَ، وأذهبُوا الاستقرارِ، وأثاروا العداوةَ بينَ الزوجينِ، وفرَّقوا بين الحبيبينِ، ولكنْ إذا وُجدَ القرآنُ وتلاوتُه وُجدتِ الملائكةُ والرحمةُ، فإنَّه لا مكانَ للشيطانِ في بيوتِ عبادِ الرحمنِ، وبهذا تتحققُ السعادةُ والاستقرارُ.

 

* للاطلاع على القاعدة الحادية والخمسين..

انظر إلى الإيجابياتِ

* للاطلاع على القاعدة الثالثة والخمسين..

أعطِ كلَّ ذي حقٍّ حقَّه