حريصون علي شكر كل أب أو زوج لما يتحمل من مسئوليات , و ما يبلغه من الكد والتعب و العمل ليل نهار ، كي يوفر لبيته و لأهله و أولاده حياة كريمة ، مضحيا بكل ما أوتي من قوة لسد إحتياجاتهم ..
هذا غير ما يتحمل من الهموم التي تعاوده من الخوف من غد , أو هل سيستطيع أن يواصل رحلة الكفاح هذه , أم ستتقلب عليه الأيام
خواطر تراوده و أفكار من هنا و هناك , يُسرها في نفسه و لا يحاول إظهارها أمام زوجته و أولاده .
لكن هذه الأمور أحيانا قد تخلق زوجا أو أبا دكتاتورا متسلطا حازما في كل شىء , حاد الطبع , يخفي إبتسامته عنهم , و يكتم حبه لزوجته و أولاده
أو قد يتسبب كده وبذله في خلق صورة الأناني الذى لا يحب إلانفسه ولا يفكر إلا بها , تجده يهتم براحته وتلبية رغباته و لا ينشغل إلا بمصلحته دون الاهتمام بشؤون من حوله .
لكنها قد تنتج الأب المعطاء و الزوج حسن المعاملة ، الذى يقدم كل ما لديه ، و قد يحرم نفسه من إحتياجات كثيرة وضرورية ، مقدما عليها إحتياجات بيته و أولاده .
كل زوج من هؤلاء تظهر حقيقتة ومعدنه مع العشرة ، فقد تجده في الرخاء يكون في صورة و مع تقلبات الدهر تختلف الأمور .
وتستطيع تقييم حاله برؤية صحيحة ساعة الشدة , و أصعب شدة تمر بها الزوجة هي عندما تبتلي بمرض مزمن أو مرض من الأمراض الفتاكة , التي فيها يطول مرضها و يضعف يوما بعد يوم نشاطها ، فهنا يظهر معدن الزوج ..
فماذا تنتظر هنا من الزوج الأناني أو سىء الطبع ؟!
فبعض الأزواج عندما يطول مرض زوجته يملون , و يمتنعون تدريجيا عن الاهتمام بها , غير ما تجد الزوجة منه وجها عابسا , وتعنتا أمام أتفه الأمور و خلق مشكلة .
و منهم من تزيد عصبيته فتنقلب علي الأولاد حتي تصبح حياة جافة مفتقدة الدفء الأسرى .
و هنا للاسف يتمني كل من في البيت سواء كانت الزوجة أو الأبناء يتمنون خروج هذا الأب كي يرتاحوا من هذا الضجيج و من النكد والهم الذى يملأ البيت خاصة أثناء وجوده .
و بالرغم من أن الزوج عندما يمرض تقف الزوجة بجانبه و تقدم له الرعاية الكافية و تجتهد في خدمته علي أكمل وجه دون تقصير أو تهاون فعلي العكس ، بعض الأزواج ( البخلاء ) عندما تمرض زوجته يفكر مائة مرة للسعي في علاجها و يجلس يحسب كم سينفق !
و زوج آخر غريب الطباع يعتبر خدمته لزوجته أثناء مرضها إنتقاصا من رجولته أمام أسرته و مجتمعه و ذلك يرجع للأفكار القديمة التي ما زالت تطغي علي بعض العقول , فإذا ما ظهرت الرجولة عند الأزمات فمتى تظهر إذن ؟!
و زوج آخر أكثر غرابة يختار وقت مرض زوجته ليخبرها بفكرة الزواج من أخرى !
لا يفكر و لا يبالي بآلام المريضة , بل أضاف لآلامها أحزانا و هموما جعلتها تتمني ألا تتطول أيامها في الحياة !
لكن أزواجا أخر ضربوا مثلا في الوفاء وحسن المعاملة , وطيب العشرة ، و هذه قصة ليست الأولى و الأخيرة تصف لنا وفاء زوج :
فهذه زوجة عندما مرضت بالمرض الخبيث , جلست و تحدثت مع زوجها لتطلب منه الزواج بأخرى لأنها تشعر بالتقصير تجاهه و لا تستطيع الاهتمام به , وهنا جاء رد الزوج : " أنا راض بحياتي معك , ولا يهمني من كل هذا إلا صحتك و عافيتك و سألازمك و لن أتزوج بأخرى " .
و آخرون يتحلون بالصبر عند مرض زوجاتهم , إضافة الى مظاهر الطيبة التى تملأ قلوبهم , و مساندتهم لزوجاتهم في هذه المحنة
و هنا أزواج أخرون لم يكتفوا بذلك بل رافقوهن للعلاج في الخارج و لم يبخلوا بمالهم علي من لم تبخل بشبابها و صحتها من أجل بيتها .
فالوفاء من أروع الصفات التى يتحلي بها المرء حيث يظهر في الاخلاص و العطاء و العهد , و ليس هناك عهد أفضل من العهد الذى بين الزوجين .
فإن لم يرغب الزوج في الوقوف مع زوجته في محنتها ، فعليه ألا يحرمها من الابتسامة عند لقائها يقول صلى الله عليه وسلم :" لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق "
ووفاؤه يظهر في إبتسامتة ، تلك التي لا تكلفه شيئا لأجل المساعدة في تفريج كربتها ، وفي ساعات تعبها ، وتترك في قلبها أثرا إيجابيا وتفاؤلا يساعدها على الشفاء ..
أحيانا يظهر إهمال الزوج ( سىء الأخلاق ) في مرضها ، رغبة في الانتقام منها ، بسبب ما صدر منها سابقا من إهمالها له ، أو غضبه في بعض الأمور منها ، فهو لاينسى لها هذه المواقف ..!
فنقول له : أين الصفح الجميل والعفو الذي يستلزم تناسى أخطاء الغير أو التغافل عنها خصوصا في لحظات عجزه ؟ ، ونذكره بقول النبي صلى الله عليه وسلم :" خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي "
فمعدن الزوج يظهر في هذه المواقف ووفاؤه يظهر هنا ، فالوفاء يتحقق مهما تغيرت الأحوال ، ووفاء الزوج في محنة زوجته من أهم صفات الإنسانية التي يتفق عليها الناس ، وهي صفة من صفات القوامة والرجوله ، ووفاؤه لها يظهر في عدم نسيانه لجميل صنيعها معه ، وإعتراف لها بالجميل .