نظرت إلى حياة كثير ممن لم يحالفهم النجاح في حياتهم , فوجدت أن أغلبهم يفتقد إلى أمرين هامين : الأول , أن يراقب ربه في عمله , والثاني أن يجعل لنفسه برنامجاً عملياً يعيش من خلاله ..
فالذين نسوا ربهم سبحانه صارت جهودهم سدى , وضاعت أعمالهم كتلال رمال ما تلبث أن تصير بلا معالم , فلا التاريخ قدرهم , ولا بركة الحق أحاطتهم ..
والذين ساروا في أعمالهم وجهودهم بلا تخطيط ولا تقويم فلم يضعوا لأنفسهم برامج عملية وأهدافاً تناسب قدراتهم وإمكاناتهم , تخبطوا فلم يقدروا على الإنجاز, ولم يستطيعوا القرب من الإبداع
والحق أن كل إمرئ به ضعف وتميز , فأما ضعفه فيقويه لجوؤه إلى ربه , وأما تميزه فينميه ترشيده وتدريبه وتعليمه وجدولة حياته نحو ما يحسن .
إن كثيراً من الأعمال التي نظنها صعبة الأداء إنما تتحقق بعزيمة صادقة , وخطوة حية مهما كانت صغيرة ..
لقد تابعت كثيراً ممن استطاعوا الحصول على علوم فائقة فوجدت أنهم كانوا يستعظمونها ويستثقلونها قبل البدء فيها , إلا أنهم حينما أخذت عزائمهم الخطوة الأولى , مادت من تحتهم الأرض , فصارت سلماً يعلوا بهم إلى مراتب العلم والإنجاز .
إن تلك الخطوة الأولى هي مقصودي من تلك الكلمات , وإنما أردت الدخول لها عبر هذا المعنى لأن أحداً لا يستطيع أن يبتدر بخطوة أولى منطلقة من عزيمة صادقة بغير أن يجعل ربه هو رجاءه ومرتجاه , ثم يقّوم ذاته فيبرمجها برمجية تناسبها نحو معالي ما يرتجيه .
إن الخطوة الأولي التي أنصح بها كل من يقرأ تلك الكلمات هي عقد نفسي ووثيقة معنوية وميثاق قلبي يعرفه المبدعون حق المعرفة ويجهله كثيرون ممن تركوا حياتهم نهباً للإهمال والضياع .