مناهجنا بين التطوير والتغريب 2-8
11 ربيع الثاني 1424

المناهج الفرنسية

بحث الدلالات القيمية والثقافية والتربوية في كتاب القراءة : للثالث المتوسط – فرنسا . أ.د. امحمد بوزيان تيغزه

وصف الكتاب :
هو كتاب القراءة للسنة الثالثة من دورة التوجيه ( السنة الأخيرة من التعليم المتوسط)، الذي أشرف على وضعه وتأليفه أربع مختصين في الأدب الكلاسيكي والأدب الحديث (مع تأليف كتب القراءة الأخرى لتغطية جميع سنوات التعليم المتوسط) ، بتكليف من دار النشر الشهيرة في تأليف ونشر الكتب المدرسية: لاروس ـ بورداس Larousse- Bordas .
Francoise Colmez; Marie-Loise Astre; Marc Defradas; Manuela Rousselot (1999) FRANCAIS: 3eme ; Nouvelle Collection : L’ART DE LIRE . Larousse- Bordas.

محتوى الكتاب :
أولاً : من الأهداف المعلنة للكتاب : مساعدة التلاميذ أو الطلاب على بناء أسس ثقافة فردية أو شخصية (culture personnelle ). أي أن الطالب يشارك بمساعدة كتاب القراءة في بناء مرجعية قيمية ومعيارية فردية، التي ـ وإن انطوت على مواطن تقاطع والتقاء مع مرجعيات الأفراد الآخرين في المجتمع ـ إلا أنها لا تخلو من بصمات الفرد في تشكيلها وبنائها.

ثانياً : نماذج من القيم الفرنسية التي احتواها الكتاب : تبطن النصوص الشارحة قضايا حرجة، ولعل أهمها قضية الهوية (الفرنسية)، قضية التمييز العنصري، قضية علاقة تكافؤ الفرص بالجنس والعرق والجنسية، قضية المواطنة الفرنسية وإشكالية اندماج الأجانب ومعاملتهم، قضية تأثير التطور التكنولوجي (الجوال كمثال) على الاتصال الاجتماعي المباشر، قضية الاستنساخ ومعضلاته الأخلاقية. وهذه القضايا الحرجة ، على اختلافها الظاهري لها قواسم قيمية كامنة مشتركة وهي:
(أ) الحرية الفردية،
(ب) الحقوق الفردية ( أجنبيا كان أم فرنسيا)،
(ج) المساواة الفعلية، (د) تثمين الإنسان،
(هـ) صيانة كرامة الإنسان فرنسياً كان أم أجنبياً، وأخيراً .
(و) الاتصال أو التواصل كبعد إنساني اجتماعي حيوي .

ثالثاً : اتجاه الكتاب نحو العرب : لقد استخلصت الباحثة سنترا ( Cintrat, 1983 ) عند تحليلها صورة المهاجر إلى فرنسا من خلال تحليل مادة ثمانية وثلاثين كتاباً للقراءة للمرحلة الابتدائية، التي أصدرتها خمسةً عشر داراً للنشر خلال الفترة التي تتراوح بين 1957 إلى 1980، وجود اتجاه نحو إهمال العرب في كتب القراءة، وأن طريقة اقتباس وتقطيع النصوص تلغي تماما وجود شريحة واسعة في المجتمع الفرنسي وهم المهاجرون من الجزائر والمغرب وتونس إلى فرنسا للعمل.
وتذهب نصر في كتابها الذي يرصد صورة العرب والإسلام في الكتب المدرسية الفرنسية، بعد تحليل عدد كبير منها، إلى أن كتب لقراءة الفرنسية تقدم صورة عن العرب تعكس القوالب الجامدة التي كانت سائدة عن العرب في الحقبة الاستعمارية. ففي كتب القراءة للمرحلة الابتدائية تبدو الصورة مقولبة وذات نزعة استعمارية ماضية قوية. وعلى الرغم من تعليمات وزارة التربية التي أوضحت المبادئ العامة للتعليم الفرنسي في المدارس والكليات تؤكد على تسهيل الاندماج في المجتمع الفرنسي ، والانفتاح على التعدد الثقافي، والتعرف على الثقافات والقيم الأجنبية، فإن الصورة التي نستخلصها للعرب من تحليل كتب القراءة للمرحلة الابتدائية لا تتماشى مع هذه المبادئ العامة، ولا تولد لدى التلاميذ في فرنسا إلا صورة مزيفة عن الآخرين، وعن أنفسهم. فهي توحي للتلاميذ الفرنسيين، اقتباسا من الماضي، بالإحساس بالتفوق الطبيعي، كما توحي للتلاميذ من ذوي الأصل العربي بإحساس سلبي ناشئ عن تحقير شأنهم وتشويه صورتهم. ومن شأن الخجل المكبوت لدى الصغار من ذواتهم أو من ذويهم أن يولد في نفوسهم ضيقا وعذابا قد يتحولان في ما بعد إلى اختلال في النظام أو إلى ثورة موجهة إلى المصدر الدافع إلى رفضهم وتحقيرهم وذويهم.