17 جمادى الثانية 1438

السؤال

يقول الله تعالى: "ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ "
إذن من شروط الدعوة إلى سبيل الله تعالى أنك تكون على دراية بالكتب السماوية الأخرى، مثل: الإنجيل والتوراة.
السؤال هنا:
هل يجب على المسلم قراءة الكتب الأخرى التي تخص أهل الكتاب ومعرفة كيفية المحاورة أم نكتفي بالقرآن ؟؟

وجزاكم الله خير الجزاء
 

أجاب عنها:
د. سعد العتيبي

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله ومن والاه .. أما بعد ..
فإنَّ قراءة كتب أهل الكتاب بقصد دعوتهم ومعرفة كيفية إقناعهم بالحق من المسائل التي ينبغي العناية بها من أهل العلم الذين يدركون ما فيها من خطأ وباطل وقع بسبب التحريفات المتتالية التي مرّت بها هذه الكتب .
وهذا شأن فحول العلماء الذين تصدّوا لأهل الكتاب وبينوا جهلهم وتكبرهم وعنادهم من كتبهم ، كأبي العباس ابن تيمية رحمه الله في كتابه : الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح ؛ وهو ما وجدنا أثره النافع في جهود من تخصص في هذا الشأن من المعاصرين كالشيخ أحمد ديدات رحمه الله .
ولكن قراءة هذه الكتب المذكورة ليست واجبة على كل أحد كما سألتَ ، بل لا تجوز قراءتها لكل أحد ؛ ولكن ينبغي أن يُعتنى بها من أهل التخصص بوصفها وسيلة من وسائل دعوة أهل الكتاب ، وكشف باطلهم ، وبيان ما جحدوه من بشائر نبوة محمد صلى الله عليه وسلم في كتبهم لأتباعهم ، كما في إنجيل برنابا وغيره التي جاءت البشارة فيها بأحمد الذي يختم الله به الرسل ويكون بجبال فاران أي جبال مكة ؛ وكما جاء في المزامير اليهودية من تعظيم النبي محمد صلى الله عليه وسلم وذكره باسم محمد صريحا ، وهي نصوص لا زالت موجودة إلى يومنا هذا !
وثمة فتوى اللجنة الدائمة في المملكة العربية السعودية بهذا الشأن ، إذ جاء فيها ما نصه :
" س2 : ما حكم قراءة الإنجيل؟ الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه .. وبعد :
جـ2 الكتب السماوية السابقة وقع فيها كثير من التحريف والزيادة والنقص كما ذكر الله ذلك ، فلا يجوز للمسلم أن يقدم على قراءتها والاطلاع عليها إلا إذا كان من الراسخين في العلم ويريد بيان ما ورد فيها من التحريفات والتضارب بينها . وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو / عبد الله بن قعود
عضو / عبد الله بن غديان
نائب الرئيس / عبد الرزاق عفيفي
الرئيس / عبد العزيز بن عبد الله بن باز . "
( فتاوى الجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء :3/311 ، ورقم الفتوى :8852) .
والخلاصة : أن قراءة كتب أهل الكتاب وكتب غيرهم من أهل الباطل ، سواء كانت الكتب التي ورد ذكرها في القرآن وبين الله تعالى تحريف أهل الكتاب لها ، أو كتبهم الأخرى ورسائلهم البريدية وإذاعتهم ونحوها - كل ذلك لا يجوز إلا لأهل العلم وأهل التخصص ، ومن يعرفون كذبهم وزيفهم وتلبيسهم ليردوا عليهم ويثبتوا تحريفهم لكتبهم .
ولا سيما أنهم لا يجدون حرجا في الكذب على أهل الإسلام ، والافتراء على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، حتى ردّ عليهم المنصفون من عقلائهم .
وليس هذا خاصا بصغارهم بل حتى رؤوس الكفر عندهم كمن يسمونه بـ ( البابا ) يفتري ويكذب كذبا صريحا ويعلن كذبه ومغالطاته .
ويكفي عن قراءة كتبهم قراءة ما يكتبه علماء الإسلام الموثوقون في الرد على أقوالهم المعلنة في وسائل الإعلام كالردود على تصريحات زعمائهم الدينيين.
هذا ما لزم بيانه في جواب هذا السؤال، أسأل الله تعالى أن ينفع به.
والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.