تقدمة :
أخي الشاب: ها أنت تقطع طريق الحياة ماضيًا نحو هدفك في الحياة، ها أنت تقطع طريقًا قطعه قبلك فئام من البشر، وأعداد لا تحصى، لو سألت بعضاً من هؤلاء البشر الذين سبقوك سيصف لك الطريق حسب ما رأى، وسيعطيك نصائحه لتتلافى أشواكه وعقباته، وتتخذ المسالك السهلة، وتنحو نحو الهدف بأسرع وقت.
فإذ لم تكن بِدعًا من الناس، ولست وحدك من يقطع هذه المسافة، فقد كان لزامًا عليك، أن تسأل من سبقك، وتقرأ تجاربهم في سلوك الطريق، وتعرف كيف تقطعه، وإلا فسيكون طريقك مليئًا بالمحاولات التي كان بمقدورك أن تتلافاها لو اطلعت على خبرات السابقين.
ههنا، لا أزعم أني أعطيك عصارة خبرة، لكني أزعم أنك ستقرأ فيها دلائل خفيفة الوزن تجد فيها بعض ما يعينك وأنت تقطع الطريق.
كم قَرَأْنا! وكم نُصِحْنا! لكنا لم ندرك حقيقة وعمق تلك الخبرات إلا حينما عصفت بنا الرياح ونحن نقطع الطريق، فلا تُعِد التجربة، واختصر المشوار، واكتشف تجارب جديدة، تكن رقمًا مهمًا في هذا العالم المليء بالناس العاديين.
زاوية:
منارات، رأيت أن أضعها في طريقك، لتنير لك الدرب، وتجنبك أخطار الطريق، أزعم فيها أني أختصر عليك المشوار، فقد قطعته قبلك، ولم أشأ أن تقع في حفرياته، أو تنعطف يميناً أو شمالاً حيث يمكنك سلوك الطريق المستقيم.
منارة (1)
(إلى أين أنت ذاهب ؟! )
تشق السفينة عباب البحر متجهة نحو الجزيرة، يقودها ربان ماهر يعرف علامات الطريق، ويعرف كيف يقود سفينته، حتما سيصل في وقت أقرب من السفينة الأخرى، التي مرض ربانها ولم تجد من يقودها أو يعرف الطريق، بل بقيت وسط البحر، يحركها الموج مع الريح، ولن تصل الجزيرة إلا حينما يصحو الربان وينشط من مرضه، ولكن بعد أن سبقه صاحبه.
هكذا أنت أخي الشاب في بحر الحياة المتلاطم، تسير بسفينتك، فإن كنت الربان الماهر، عرفت كيف تصل بأقصر الطرق، وإن كنت الآخر، قذفت بك الحياة حيث لا تريد، وحرك وجهتك مجتمعك المحيط بك حيثما يسير، فأنت تعيش وسط مجتمع قد تكون له أهداف غير أهدافك، فيسيرك في طريق لا تريده، ولا تدري إلا حينما تقف سفينتك على جزيرة لا تريدها، أو يكون مجتمعك أيضا لا يحمل همًا ولا يبحث عن هدف، فيبقى وسط البحر يموج هنا وهناك.
اجلس مع نفسك –أخي الشاب- وفكر مليًّا، إلى أين أنت ذاهب، حدد وجهتك، فكر في مستقبلك بعد سنوات خمس أو عشر أو تزيد، ثم تأمل طريقك الذي تسلك، هل هو يسير في الاتجاه نفسه، أم يسير وفق سير الأصحاب والأصدقاء؟
اكتب الهدف، ثم ضع علامات الطريق، حدد وسائل النقل، تعرف على الطريق جيدًا، ثم انطلق على بركة الله، ستواجهك العقبات، لا تنكص، ولا تعد، ولا تتوقف، ستجد لذة ومتعة في تجاوزها رغم بعض المرارة.
اجعل الخيال دافعًا للمزيد من التقدم، تخيل نفسك ما تريد، تخيل نفسك وقد وصلت إلى مبتغاك، دكتورًا في الجامعة، طبيبًا، مهندسًا، معلمًا، تاجرًا، عالمًا، مشهورًا...
وحين تصل.. ستبتهج، سيصبح مستقبلك حاضراً، وستكون أمنيتك حقيقة، وحينها، لن تسعك الدنيا فرحة، لا سيما إذا واجهتك العقبات لتكون أنت أنت، ستجد لذة الصعود.
* للاطلاع على منارات .. (2) ..
إلا .. ماذا ؟!