هل نحن نربي أبناءنا فعلا .. أم أننا فقط نخدمهم ؟!
27 جمادى الأول 1438
أميمة الجابر

يظن البعض أن التربية للطفل هي مجرد خدمته و رعايته وإجابة طلباته ، وتنفيذ متطلباته , ويعتقد آخرون أن رعاية الطفل هي تربية له , فيبذلون كل جهدهم وحياتهم لرعاية ابنائهم ..

 

 

 لكن الحقيقة أن الفارق بينهما كبير , و يحتاج إلى ذهن متفتح لدى الأبوين ، وحكمة ووعى .

 

 

فكل أسرة تطمح بأن ترى أبناءها أفضل الأبناء , فهل نحن بالفعل نربى أبناءنا أم نقوم معهم بمجرد دور الخادم ؟ !

 

 

فالتربية مهمة من اصعب المهام وأشقها سواء على المسوى التثقيفي والتعليمي أو على المستوى القيمي و البنائي للشخصية ، على الرغم من ذلك فالكثير من الآباء يعتبروها من الأمور الهينة على العكس فما علينا إلا إجابة مطالبه ووضعه في أحسن بيئة !

 

 

 فمن أهم أسس التربية للابناء الاهتمام أولا ببناء العقيدة عندهم , وقد يتحقق هذا الأمر عندما نسلك هدى النبوة في التعليم والتفهيم والترسيخ لمعاني العقيدة في قلوبهم >

 

و القرآن الكريم مليء بالآيات التى تتخذ أسلوب الوعظ التعليمي كطريق إلى الوصول لإصلاح الابناء , و سورة لقمان خير شاهد على ذلك فى قوله تعالى ( و إذ قال لقمان لابنه و هو يعظه يا بنى لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم )

 

وبان لنا هنا من لقمان عليه السلام درسان : الأول : أثر التعليم و الوعظ فى بناء عقيدة الابن و تعريفه بالله تعالي الذى يستحق وحده العبودية و عدم الشرك و هذا أساس للتربية , و الثاني يبين حقوق الأبناء علي آبائهم أن يجلسوا معهم كجلسة لقمان مع ابنه ليبين ما يجب عليهم وما ينبغي أن يعلموه .

 

 

بعد ترسيخ معاني العبودية لله تعالى لابد من بناء القيم والمبادئ ، وهذا نستفيده بأساليب مختلفة تربويا ,كتنمية خصال الخير لديهم بإتباع الصدق و عدم اتباع الكذب , أو الأدب مع الآخرين و احترامهم , تقدير الكبير , احترام الوالدين و معرفة قدرهم , حقوق الأصدقاء و الجيران و صلة الأرحام , عدم الخوض فيما يغضب الله تعالى ، ضبط اللسان ، المسارعة في الخير ..وغيره

 

وكل ذلك لا يتعلمه الأبناء فى يوم وليلة و لكن يأتى بالإصغاء للأبناء و الحوار معهم و الوقوف عند الأخطاء و محاولة معالجتها بهدوء و حكمة .

 

 

و التربية أيضا تكون بالاستفادة من التجارب و استخدامها فى تعليمهم مع استغلال المواقف و المشاهد و أخطاء الآخرين لتعديل سلوك الأبناء , و توجيههم و توسيع أفقهم و فهمهم لتقلبات الأمور .

 

 

و هناك تربية تخفى عن بعض الآباء  و هي التربية بالعادة ...كتعويد الأب على اصطحاب ابنه للصلاة باستمرار و تكراره لهذا , فالتكرار كفيل أن يجعل العمل عادة حسنة راسخة في نفوس أبنائنا .

 

 

و التربية كذلك تكون عن طريق إكسابهم القدرات و المهارات , فقد يكون الابن موهوبا في شيء ما ، لكنه يحتاج لمن يكتشف موهبته , فلابد أن يكون الأبوان واعيين لذلك , فقد يكون الابن محبا للقراءة فينميان ذلك عنده بشراء الكتب الهادفة له , أو يشجعان هواية يحبها بكل الوسائل المعنوية و المادية , أو يغتنما ذكاء ابنهما في وضعه في مكانه و استغلال قدراته وهكذا

 

 

أما تربية الملاحظة ، بمعنى استمرار الملاحظة من الوالدين لابنهما ، فيكونا متابعان و مراقبان الابن دون أن يشعره بذلك مع عدم التضييق عليه , لأن الابن يحب أن تثق به .

 

 

 

تلكم عدة نقاط هامة لايمكن أن يستغني عنها المربي في تربيتة لابنائه ..

 

 

 

لكن لو تحدثنا عن الرعاية والخدمة ... فهى كاهتمام الأب بتوفير الطعام و السكن و الملبس و التعليم و العلاج لأبنائه , و أما رعاية الأم لأبنائها فهى صناعة الطعام , و الاهتمام بالثياب و الاستجابة لطلباتهم الخاصة .

 

 

ودائما نحذر أنه لا ينبغى أبدا للأم أن تترك الخادمة مع الأولاد طوال اليوم لكى تربيهم , فيكتسبون منها خلقها و خصالها و كلامها و حركاتها , و لا يمكن أيضا أن تتركها ترعاهم  وحدها , ولكن دورها أن تقوم بمساعدة الأم فقط فى الخدمة لتخفيف المجهود عنها .

 

 

 

التربية عملية تراكمية خبروية لا يمكن لأحد أن يقوم بها إلا الخبراء , و لا يمكن أن نتركها لغيرنا يقومون بها .

 

 

 

و من ذلك لابد أن يعى الأبوان أنه لا يمكننا الاكتفاء بدور الخدمة والرعاية للابناء ظانين أننا نربيهم !

 

 

بل على اقل تقدير يجب الجمع بين التربية و الرعاية في آن واحد , و لنحذر أن تغلب الخدمة عن التربية فتفشل التربية ونظن أنفسنا نؤدي دورنا !

 

 

 

فالهدف إذن أن نساعد أبناءنا لينموا نموا سليما ويتربوا تربية سليمة مستقيمة إيجابية نافعة , و فى نفس الوقت نبنى فيهم شخصية قادرة أن تتبوأ مكانها في المجتمع , فتربية سليمة و رعاية كاملة تخلق جيلا صالحا واعيا , و مستقبلا أفضل لأبنائنا .