لست في حاجة للحديث عن أهمية بر الوالدين ولا كون برهما فرضا واجبا على كل مؤمن ، لكننا بحاجة ماسة ولاشك أن نصف خطوات عملية للسير في طريق البر بهما ، ذلك الطريق الموصل للفضل والخير كله ..
الخطوة الاولى :
وهي خطوة قلبية ، يقوم فيها المؤمن بتنقية قلبه تجاه عمل البر بإخلاص عمل البر بوالديه لله سبحانه ، فلا هو يقوم به رياء وسمعة ، ولا هو يقوم به ليؤدي عملا عرفيا لازما ، أو لكونه يستحيي من الناس أن يلومونه على إهمالهما أو حمية اجتماعية أو غيره
بل بر الوالدين عبادة إيمانية قلبية عظيمة ، بل هي من أهم أولويات الحياة لكل امرىء مؤمن ، ففي الصحيح عن عبد الله بن مسعود : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم : أي الأعمال أفضل ؟ قال : " الصلاة لمواقيتها . قلت : ثم أي ؟ قال ثم بر الوالدين . قلت ثم أي ؟ قال : الجهاد في سبيل الله " أخرجه البخاري
الخطوة الثانية :
وهي خطوة نفسية ، يؤدب فيها المرء نفسه على بر الوالدين ، فيذكرها بحقهما عليه ، ويذكرها بمقدار عطائهما له وبذلهما من أجله ، ويعدها لتحمل المشاق في برهما في كبرهما .
ويدربها على ألا تتأفف في وجههما ، بل يصبر نفسه ، ويدربها على التواضع لهما والحلم معهما ، والتسامح مهما غضبا عليه أو تعديا في الحديث أو السلوك ..
قال يزيد بن أبي حبيب : " إيجاد الحجة على الوالدين عقوق" : أي الانتصار عليهما بالكلام .
و قال الحسن البصري لرجل : تعشَّ العشاء مع أمك وتؤانسها وتجالسها فتقرُّ بك عينُها أحب إلي من التطوع ..
الخطوة الثالثة :
التدريب على الفهم الصحيح للبر , فليس البر مجرد كلمات تقال او اعمال مفردات تعمل , بل إنه قيمة يجب أن ترسخ في القلب والعقل للمؤمنين , ومبدأ يجب أن يغرس في صدورهم , فيستمر عبر الايام بغير انقطاع , ويزيد قدره كلما زادت حاجتهما له .
الخطوة الرابعة :
التدريب على أنواع البر ، فإن البر ينبغي ان يكون شاملا لمناحي الحياة وكل الأعمال :
فأوله بر القلب لهما بصادق حبهما , وعميق الامنيات لهما بكل خير وصحة ونفع
وثانيه بر المال بالانفاق عليهما بكل ما يقدر عليه من كرم وسخاء , فهما أحق بالبر من أي أحد , وهما أحق بالمال عند حاجتهما من اي أحد , والبر بالمال دليل وبرهان على صدق البر و واستمراره مع سخائه دليل حسن على حسن العزم وطيب المبتغى لهما .
ثم بر الجهد , من السهر , والصبر عليهما , مهما غضبا وتأثرا وتعصبا وتألما , بل عليك أن تسعى جاهدا لتخفيف آلامهما قدرما تستطيع و وأن تربت بيديك حانيتين على أكتافهما .
ثم بر الكلمة , وهو ايسر البر, لكن اثره كبير , فالكلمة الطيبة لهما صدقة والبسمة الطيبة لهما صدقة , والوعد الصادق لهما صدقة .
إنك في حاجة ماسة ايها المؤمن للقرب من ربك سبحانه ولدعائه ورجائه أن ييسر عليك برهما وأن يعينك على ذلك البر ليكون على أفضل وجه وأكمله , وهو سبحانه يعين على الصالحات وييسرها " والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا ".