السؤال
هل يجوز لي أن آخذ راتبًا على تدريس المواد الدينية؟ وكيف أستطيع أن يكون عملي خالصًا؟ وهل يكفي يا شيخ أن أُخرج من راتبي ما يغلب على ظني أنه يقابل تقصيري في ساعات العمل، أرجو التوضيح؟
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
فأخذ الراتب أو أخذ المال أو أخذ الأجرة على عمل الخير كالتدريس مثلاً يختلف فيه أهل العلم، وقد بحث أهل العلم أخذ المحدّث على التحديث أجرة ومنعه كثير منهم من أهل الورع، ولكن الجمهور على جوازه، والأصل في الجواز قوله -عليه الصلاة والسلام: «إن أحق ما أخذتم عليه أجرًا كتاب الله» [البخاري: 5737]، فإذا جاز هذا في القرآن ففي غيره من باب أولى، وبعض أهل العلم يتورع من أخذ الأجرة على تعليم العلم الشرعي ويأخذ الأجرة على تعليم العلوم الأخرى، فكان بعضهم يشارط على (ألفية ابن مالك) كل بيت بدرهم، وبعضهم يشارط على كتب التواريخ وما أشبه ذلك، هذا الأمر فيه أخف، ومع ذلك الأصل في المسألة الجواز، لكن لا يكون هم العالم أو طالب العلم الدنيا وأنه لا يفعل كذا إلا بكذا كما قيل للإمام أحمد: إن إمامًا يقول: لا أصلي بكم رمضان إلا بكذا، قال: (هذا رجل سوء ينبغي ألّا يصلى خلفه)، على كل حال أخذ الرواتب والأجرة على التعليم الذي انقطع من أجله وترك أسباب الرزق من أجله وفي نيته نفع المسلمين وانتفاعه هو وانتفاع من يعوله هذا لا بأس به، فهو جائز.
وكيف يكون عمله خالصًا؟ إي نعم يمكن الإخلاص مع أخذ الأجرة، وهذا لا ينافي هذا، نعم ترك الأجرة أدعى إلى الإخلاص وأقرب، ومع ذلك قد يكون أشد في عدم الإخلاص من أخذ الأجرة لا سيما إذا كان يظهر للناس أنه يُعلم الناس مجانًا حسبة لله -جل وعلا- يتحدث بذلك في المجالس، فالذي يأخذ الأجرة أفضل منه وأقرب إلى الإخلاص منه، فأخذ الأجرة لا ينافي الإخلاص.
وإذا كان مقصرًا في ساعات العمل كما يقول السائل هنا: (هل يكفي أن آخذ من راتبي ما يغلب على ظني أنه يقابل تقصيري في ساعات العمل؟) الأصل ألا يقصر، لكن إذا حصل له تقصير خارج عن إرادته فإنه إذا أخرج من راتبه ما يغلب على ظنه أنه يقابل هذا الوقت الذي قصّر فيه فإن شاء الله تبرأ ذمته، والله أعلم.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم