عادة عندما يقدم الشاب علي الزواج فإنه يذهب إلي أقاربه أو أصدقائه المتزوجين ليأخذ آراءهم في هذه الخطوة , وهنا يجد الصدمة في حديثهم (إياك ان تتزوج ) قد يقولونها بجدية و قد يقولونها مزاحا , مرددين : مهلا على هذه الخطوة , عش حياتك قبل أن تقيد و تحمل الهم قبل الأوان !
فلماذا هؤلاء يعتبرون الزواج هما ؟! و لماذا يكتئبون من الزواج ولماذا يتمنون أن ترجع حياة العزوبية ؟!
لا شك أن بعض المتزوجين ينظرون للزواج نظرة الاستقرار و الراحة , وبناء أسرة صالحة , لكن فعلا فالكثير منهم ينظرون إليه عكس ذلك , فيا ترى هل الخطأ هنا في الزواج أم في الاشخاص ؟
الزواج سنة كونية , وسنة شرعية , نصحنا بها النبي صلى الله عليه وسلم لفوائده الكثيرة , لكن هناك من الاخطاء ما قلب الزواج وأساء إلى صورته
إن بداية صعبة للزواج ثقيلة التكاليف لكفيلة بالشعور بمشقته الشديدة , فالمتزوج غالبا يسير وراء التفاخر بما يقدمه للعروس ومغالاة في المهور والأثاث سعيا ليكون مثل فلان أو علان ! .. فيدخل بيت الزوجية وقد فقد مدخراته جميعها , بل في كثير من الأوقات يدخل وهو محمل بالديون الثقيلة ! هذا كاف لتعكير صفو الحياة الزوجية ، علي الرغم من أن ديننا العظيم علمنا أن أفضل النساء أقلهن مؤونة ..
وعندما يبدأ الزواج بنية مفتقدة للتقى , ومبتدئة بالتفريط والمعاصي , وينقص البيت الجو الإيماني , فزوج يهمل صلاته و زوجة لا يهمها إلا الأمور الدنيوية فلا يمكن أن ننتظر منه إلا نزع البركة وتضخم المشكلات , فبيت خال من الايمان أصبح بنيانا هشا ضعيف تهرب منه السعادة و لا يسكنه إلا الغم ..
وبداية أخرى خاطئة كمعيشة الزوجين مع أسرة الزوج جميعا في عيشة مختلطة , كفيلة بكراهية الزواج .. فقد تغيرت المفاهيم , ولم تصبح الفتاة قادرة على التكيف مع أمثال تلك الحياة , طبعا مع الاعتبارات المؤلمة التي يمكن أن تحصل من الاختلاط
, وقد تحدث المشكلات من الزوجة الصغيرة المدللة و لا تستطيع التفاهم مع الأبوين الكبار في السن وكل ما يحدث بينهم يجعل الزوج في حيرة بين إرضاء الطرفين نادما علي حاله !
أما ما يفسد طعم الزواج فيما سببه صفات الزوجين فكثير معروف ..
فالزوج الذي لم يدرب على تحمل المسئولية قبل زواجه , بل كان منعما هو الآخر , غير متحمل لمسئولية سوى نفسه , بل في بعض البيوت هو لا يتحمل حتى مسئولية نفسه , ثم يجد حاله أمام مسئولية بيت وأسرة ونفقة ورعاية وحماية وتربية وغيرها !
وقد يكون الزوج بخيلا مقترا , في حين تكون الزوجة قد تربت على غير ذلك , فتنكمش منه انكماش الغاضب الحزين , و قد تكون الخلافات بسبب هذه الصفة يومية فيتمني الزوجان أن لو عادت بهم الأيام فرفضوا الزواج !
وإذا كان الزوج عصبيا تأخذه العصبية إلي دائرة القسوة علي الزوجة أو الأولاد فسوف توصله لحد استخدام الضرب أو السب مما يسبب الجفاء و البعد بين الأفراد , فلا يجد من زواجه إلا حزن و ضيق ولا تجد زوجته إلا الغضب والصراخ ..
وقد يتصف الزوج بالتكبر على زوجته والاستهانة بها ويراها دائما أقل مما كان يرجو , فيهمل رأيها , وتكون حياته معها مجرد أوامر واجبة التنفيذ , فيكون البيت مليئا بالهموم والغيوم والسحب الداكنة المستعدة لسقوط الأمطار أية لحظة !
وقد يرى الزوج من زوجته تقصيرا في حق بيتها اذ أهملت نظافته و ترتيبه , أوفي حق زوجها ، و نسيت أن تقوم بتنفيذ ما يحب منها وتبتعد عن ما يكره , أو تركت أولادها دون رعاية و لم تتعهد نبتها فذبل منها .
أو أن تتصف الزوجة بالتسلط وحب السيطرة , حتى أن بعضهن قد يتقمصن دور رب الأسرة غافلات عن وجود الزوج , فتمنع زوجها القوامة التى ذكرها الله تعالي و خصه بها , فيفكر في الهروب من البيت بحثا عن آخر يجد فيه صورة المرأة التي يريد !
كذلك فهناك أمور مشتركة من كليهما غيرت صورة الزواج من الصورة الوردية التى كانا يحلمان بتحقيقها إلي صورة أرض جدباء لا فائدة منها لكل من يعيش عليها , ومن هذه الأمور المشتركة :
عدم الثقة بينهما و دخول الشك أو الغيرة الزائدة من أحد الطرفين أو افتقاد المودة و الرحمة او غياب خلق الرفق بينهما الذى ما كان في شيء إلا زانه .
اوعدم سماع شكوى أحدهم للآخر , والخلافات المتكررة على الصغير و الكبير وعلى أتفه الأشياء و تضخيم المشكلة و إعطائها أكثر من حقها .
ولا شك أن ترك الاهتمام بالمظهر وعدم المحافظة علي الشكل الحسن والعطر الطيب اسلوب أكيد آخر من أساليب التنفير من الزواج .
اذا أضفنا إلى ذلك عدم توزيع المسؤوليات بطريقة عادلة , وعدم اعتراف كل منهما بالجميل للآخر و الامتناع عن تقديم كلمة الشكر ، مع غياب ثقافة الاعتذار بينهما و نسيان التسامح و العفو و الصفح مما يزيد فترات الجفاء وحلول الجو العاتم مسببا أثرا نفسيا علي جميع أفراد الأسرة ..
كل ذلك إذا لم ننتبه إليه جيدا فقد يدفع الكثير من الأزواج لنصح من يستشيرهم عن فكرة الارتباط و الزواج بكلمات : كن حرا طليقا و استمتع بحياتك وأخر هذا الموضوع الآن و (إياك أن تتزوج ) !