ثلاث متلازمات ..
ثلاث صالحات لاحظت تلازمهن , وارتباطهن , كما لاحظت الاطراد المتناغم بينهن , والتأثير المتبادل الواضح .
وهي ثلاث فاضلات ساميات كريمات , ترتقي بالمؤمن إلى المعالي , وتلحقه بالصالحين .
تلكم هم : ( التوكل – الرضا – الحكمة )
فالتوكل على الله سبحانه بداية كل خير , واللجوء إليه سبحانه أصل كل فضل , فالمتوكلون المخلصون هم الصالحون المسلمون بقضاء الله , الصابرون في البأساء والضراء , المستهينون بآلام الدنيا , الواثقون في تدبير ربهم سبحانه .
والمؤمن لا ينال الرضا ولا يحصل له إلا إذا سبقه التوكل الكامل في قلبه, فالتوكل يورث الصبر , والصبر أول درجات الرضا , ودرجة الرضا درجة عزيزة غالية , ولذلك لم يوجبها الله على عباده, لكن ندبهم إليها واستحبها منهم وأثنى على أهلها, بل أخبر سبحانه أن ثواب الرضا أن يرضى الله عنهم, وهو أعظم وأكبر وأجل من الجنان وما فيها .
قال ابن القيم: "فهناك رضا من الله قبل رضا العبد أوجب له أن يرضى, ورضا بعده هو ثمرة رضاه, ولذا كان الرضا باب الله الأعظم, وجنة الدنيا, ومستراح العارفين, وحياة المحبين, ونعيم العابدين, وقرة عيون المشتاقين"( مدارج السالكين)
والرضا أصل الحكمة , تلكم الصفة الغائبة النادرة , التي صرنا نسمع عنها ولا نراها , على الرغم من كونها ضالة المؤمن ومبحثه , فالرضا بالله سبحانه نبع الحكمة .
والمؤمن الصالح اذا استقر الرضا في قلبه, سكنت الطمأنينة في جوارحه وجنانه وبرد قلبه واطمأن, وفر منه السخط والضيق والضجر, بل إن الرضا يُنزل السكينة على أهل الإيمان, ومن نزلت عليه السكينة استقام عمله وصلح باله , ونبعت الحكمة من تحت لسانه وتفجرت من بين طيات حروفه وكلماته .
بل انه إذا حصل له الرضا ارتفع جزعه في أي حكم كان أو قضاء, بل استقبل كل قضاء الله تعالى بالسكينة والحكمة .