ثلاثة أسباب للانحراف
5 رجب 1436
د. خالد رُوشه

ما من انحراف يحدثه المرء عن جادة الطريق السوي المستقيم إلا وكان من خلفه ثلاثة أسباب ..

 

فاولها أن يتعلق قلبه بغير الله ربه , فيمتلىء بمحبة غيره , ويرجو غيره , ويرتبط بدنياه ارتباطا يدع معه التوكل على ربه , فيصير ارتباطه كله وأمله بالمواد والأسباب , وهذا يسهل أن يقع في الشرك بأنواعه , كما يسهل أن يقع في الشبهات , فيتكلم في الإلحاد ما شابهه  , وقد يبتدىء بالرياء والكبر وغيره .

 

والثاني : أن يسيطر عليه شيطانه فيدفعه إلى ايذاء غيره , رغبة في مصالحه الخاصة , وسعيا وراء تحقيق طموحه الذاتي , وقد يبتدىء ذلك بالفعل الصغير الذي قد يكبر مع الوقت .

 

والثالث : أن تسيطر عليه شهواته , فتدفعه نحو الوقوع في الحرام , فلا يتركه ذلك إلا وهو واقع في الفواحش ..

 

وهذه الثلاث هي أمهات الذنوب , وداعيات الآثام , ومن اجتنبها من المؤمنين فقد أفلح وصدق , ولهذا جمعها الله سبحانه في ذكره لصفات أهل الإيمان فقال تعالى :" والذين لايدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما ..الآيات "

 

وهذه المشينات الثلاث يستدعي بعضها بعضا , ويجر بعضها بعضا ..

 

فانحراف العقيدة , يدعو إلى ظلم الناس , ويسهل إيذاءهم , وإضرارهم , فهو لا مرجعية له إيمانية تحجزه عن ذلك الظلم والأذى , ومن فعل ذلك استهان بالفواحش كلها و فهي مترابطة , بل إنها متتابعة في العمل كمثل حبات العقد المنفرط !

 

ألست ترى الملحدين والمشركين هم أكثر الناس اجتراء على الزنا والخمروالحرمات بشتى أنواعها ؟! " إن الشرك لظلم عظيم " .., ألست ترى الظالمين يستهينون بحقوق الناس , وأماناتهم , ويصير سعيهم لكسبهم الذاتي فحسب ؟!

 

على جانب آخر فالعقيدة النقية السليمة تدعو إلى العدل , وتمنع الظلم , وتحفظ الحرمات , وترفض الضرروالإضرار , قال سبحانه :" شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط "

 

فما من مخلص في عبوديته لربه إلا وهو مؤتمن على الأمانات و حريص على نشر الحق وتطبيقه , وكذا يفعل الإخلاص , يقول سبحانه :" كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين "

 

من هنا يتضح أهمية بناء العقيدة في قلوب الناس ابتداء , ليعظم في قلوبهم مقام ربهم سبحانه , وقدرته وصفاته عز وجل , فيلجأون إليه رغبة ورهبة , ويترسخ في قلوبهم انتظار الحساب في اليوم الآخر , ويعيشون حياتهم بمراقبة الله سبحانه , كسبا للحسنات وفرارا من السيئات .