السؤال
أود معرفة الحكم الشرعي في مسألة قتل الرحمة ؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد:
فالسؤال محتمل : فإن كان عن صفة قتل الرحمة فالإسلام يأمر بالإحسان في قتل ما يجوز قتله من الناس والدواب على أحسن الوجوه وأسهلها من غير زيادة في التعذيب؛ لما رواه مسلم في صحيحه( 1955 ) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القِتْله، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته" .
أما إذا كان السؤال عن قتل الرحمة للمريض الميؤوس من شفائه بدعوى الرحمة به، وإنهاء تألمه وما يعانيه، والمسمى بقتل الشفقة أو الرحمة، فهذا مما لا يجوز؛ لأن الصبر على الألم مطلوب شرعاً، فلا يجوز للمريض إنهاء حياته بنفسه؛ لأنه والحالة هذه يعتبر منتحراً قاتلاً لنفسه، والله -تبارك وتعالى- يقول: " ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً ، ومن يفعل ذلك عدواناً وظلماً فسوف نصليه ناراً " الآية[ سورة النساء29،30]. كما لا يجوز أن يطلب من الطبيب فعل ذلك به .
أما إذا قرر الأطباء موت المريض دماغياً، وبعض الأعضاء كالقلب لا يزال يعمل آلياً بفعل الأجهزة، فهذا قرر مجمع الفقه الإسلامي جواز رفع الأجهزة عنه، قالوا: ولا يعد هذا تعجيلاً بموته؛ لأنه في عداد الموتى ، وإكمالاً للفائدة أسوق ما ذكره البهوتي في (كشاف القناع 5 /495) قال : "ولا يجوز قتل البهيمة ولا ذبحها للإراحة؛ لأنها ما دامت حية، وذبحها إتلاف لها، وقد نهي عن إتلاف المال كالآدمي المتألم بالأمراض الصعبة، أو المصلوب بنحو حديد؛ لأنه معصوم ما دام حياً" . انتهى .
قلت: ومقصوده أنه لا يجوز ذبح الحيوان إذا كان مما لا يؤكل لحمه لإراحته ، أقول أيضاً: حتى ما يؤكل لحمه إذا كان لحمه غير صالح كشاة مريضة يريد ذبحها للإراحة لا لأجل أكل لحمها لعدم صلاحية أكله، بل يترك حتى يموت، ومثل ذلك الآدمي، وقتل الآدمي المريض بالأمراض الصعبة كالسرطان في آخر مراحله، بل يترك حتى يموت.
والله أعلم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.