في النقد
17 رجب 1434
د. محمد العتيق

نتغنى بالنقد .. ونردد العبارات التي تمجد التغيير .. و ندعي السعي نحو تشخيص الأخطاء ومعالجتها .. نتبادل في ذلك العبارات البراقة والقصص المؤثرة والصور المركبة على الواتساب وفي الايميلات ، وفي أحاديث الاسترخاء .. لكن حين يريد أحدهم تجسيد هذا التنظير الهلامي على أحوال واقعية .. يقترب فيها من أشخاصنا .. ويلامس حدود بيوتنا و مساجدنا و مدارسنا وأعمالنا .. تتورم أنوفنا .. وتحمر وجوهنا .. وتصيبنا الحمية .. ننظر إليه شزرا .. ونسعي لتصويره بصورة المزعج والكريه والمنفر والمفرق .. وبعضنا يتلطف ويرد عليه ( ألا تنظر للإيجابيات ) ! .. وكأن جيوش المطبلين والمداحين الذين تعج بهم ساحاتنا لا تكفي ! النقد و تشخيص الأخطاء في رأينا مسألة جميلة وجذابة ، وفرصة للتظاهر بالعصرية والتطور ، شرط أن تبقى بعيدة عنا ، وأن لا تتجرأ فتلامس حدودنا الخاصة ، أفرادا كنا أو مجموعات . يدفعك التيار إلى أن ( تبلع العافية ) وتسكت .. وتغض الطرف ، رغم ضعف إبصاره ، عن أن يرى الأخطاء الكبرى التي تلوث الأجواء وتعيق المسير ، كي تسير مع القطيع مطأطيء الرأس ، لكن لا بأس أن تسهب في الخطب النظرية عن الإصلاح ، وتحارب بالخطب المنبرية الأشباح ، التي لن يغضب لأجلها أحد ، وهي لن ترد عليك أو تغضب منك ، لأنه لا وجود حقيقي لها !