الجذور الثابتة .. والأوراق الذابلة
12 ربيع الأول 1434
د. نادية محمد

بعدما سقطت قطع الجليد من علي الشجره التي هي امام منزلي نظرت اليها فلم اجد بها ورقه !

 

 ولكن تاملت في جذعها الثابت والذي عرفت ان عمره فوق ال٤٠ سنه .. و شاهدتها كيف عندما ياتي الربيع تزدهر وترجع مترعرعة , في منتهي الجمال والروعة , وقد ذهب منها هذا الموات تماما ..سبحان الله ! وكيف انها تذبل وتموت اوراقها لهذه الدرجه ثم تدب فيها الحياه وكان شيئا لم يكن ..

 

 

جعلتني هذه الشجره ابحر في اعماق هذا الحديث , فقد اراحني ..انه حديث جميل وبليغ..وفيه رسائل تربوية عظيمه , عندما اقرؤه واطبقه علي ما نحن فيه من ازمات..

 

 

قال صلى الله عليه وسلم : (لتنقضن عـرى الإسـلام عـروة عـروة، فكلــما انتقـضت عـروة تـشبث الناس بالتي تليها،.. فأولهن نقضــا الحكم وآخرهن الصـلاة)

 

 

 وكان عندنا شيئين ..( الحكم والصلاة ) ..علي طرفي خيط ..
وكانها سلسلة فيها حلقات , وتخيلوا معي عندما تتعرض الحلقات للفـك او الكـسر واحدة تلو الأخرى , لكن , لماذا بـدأ الحديث بالحكم وانتهي بالصــلاه ؟ وهما في اول واخر طرفي السلسلة؟ ...

 

ولكي نتصور , فلا بد ان نتامل طبيعه الامرين , "طبيعه الحـكم ..وطبيعه الصـلاه.".!! ..

 

 

 فالاسلام غال ولن نعيشه الا عندما نبذل من اجله الغالي والنفيس , طالما ان الحكم من عري الاسلام فلا بد ان نتخيل انه لايمكن ان يحدث هذا "الحكم الاسلامي" او هذه "العروه" ..الا بتكامل الظروف والمتطلبات والمستلزمات التي تلزم لتحقيقه , يعني لابد من وجود امه مسلمه بمؤسساتها المسلمه لتحقيق نظام اسلامي كما نريد , ولكن هذا قد يبدو معقدا !

 

 

قد يبدو كذلك في ظل المستلزمات والمتطلبات والظروف الكثيره لتحقيق الحكم الاسلامي المثالي اذن فهو عرضه لان نري ما نراه الان من حربه ومحاولات نقضه , والتي نجحت بالفعل في الماضي في كثير من الأماكن , بل وربما يختفي المجتمع المسلم بكامله في بعض الأماكن  – إلا من شاء الله لهم الرباط الى يوم القيامة- , كما سمعنا عن سقوط الاندلس والحكم الاسلامي فيها , بسبب حب الدنيا والفرق والاختلاف والحرص على المصلحة الذاتية واستباحة الدماء وغيرها

 

والغريب أن هذا الذي نقرأ عنه في التاريخ تدور به الايام ويعود للحدوث مرة ثانية , فيبرز الخلاف , وتبرز المصالح , وتسفك الدماء , وتدب الفرقة ! ..

 

 

 اما الصلاه فتختلف عن كل العبادات الاخري , الزكاه مثلا تسقط عنك عند الفقر وعدم الاستطاعه ..والصوم يسقط بالمرض والسفر...والحج لابد له من شرط الاستطاعه وهكذا..!!

 

 

ولكن عروة الصلاة غير معقده مثل عروه الحكم , بل سهله وبسيطه فتستطيع ان تؤديها وانت صحيح اومريض او غير مستطيع ..

 

فتستطيع ان تصلي بما يتيسر لك , قياما او قاعدا او مضطجعا, فهي لا تحتاج الي مال ولا صحة ولا استطاعة حتي ولو مشلول الأطراف, فقط تحتاج قلبا مخلصا , ولذلك لا يجوز تاخيرها او تركها .. فالصلاه هي ابسط عباده يتحقق فيها الاسلام وهي اخر عروة , وتركها تخل عن الإسلام .. لأنها اخر خط دفاعي عن الاسلام .

 

 

وفي كيان مجتمع بعيد عن روح الإسلام فقد ينقض "الحكم" , لكنه ما يلبث أن ينكمش من الدوله الي المجتمع حتي يصل الي الاسرة , وقد تظهر البلاءات والمؤامرات ...الي ان يفيق الناس وتبدا مره اخري بأفراد داخل المجتمع , يجمع بعضهم بعضا , يتجمعون بالدعاء , ويهتفون : يا الله مالنا غيرك يا الله !

 

 

 بل ويتعاون افرادها , فيقيمون الصلاة , ويتصدقون , ويساعدون المرضى والمعوزين , و فيها يبدؤون بأعمال إيمانية من جديد ..

 

 

وبذلك اري الاسلام يعود لينمو عروة عروة . كالشجره التي تترعرع في الربيع مرة اخري.. لان جذوته تبقي في النفوس فتلتزم بهويه الاسلام مره اخري , فكما انها تنقض فهي قابله للنمو ...مثل البذور تتحمل الجفاف بالسنين وينزل عليها المطر فتنبت مره اخري ! سبحان الله