شرع الله الصوم وجعل له شهراً قمرياً كاملاً، تتراوح مدته بين 29 إلى 30 يوماً، وهو الشهر الذي كان فيه أول نزول القرآن الكريم، يقول الله تعالى:
( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ) البقرة: 185.
وتشير دراسة قام بها " جليسون ومايجون " عام 1988م إلى أنَّ الصيام الكامل لأكثر من 37 ساعة ينقص من القدرة على العمل، كما يقلل القدرة العضلية، ويهدد الجهاز الدوري بشدة.
ويوضح " وليام ومارلي" أن زيادة كمية العرق الناتج عن ممارسة النشاط الرياضي أثناء الصيام؛ كنتيجة لزيادة درجة حرارة الجسم تؤدي إلى:
- تقليل كفاءة الأنزيمات العاملة على حرق الدهون.
- اضطرابات في توازن البوتاسيوم الذي ينتج عنه اختلال ضربات القلب.
- زيادة مشاكل الجهاز الدوري.
- حدوث جلطات الأوعية الدموية.
- احتمال حدوث تأثير ضار بالكليتين.
وقد لوحظ أن تناول الطعام بعد الصيام؛ له تأثير كبير على زيادة تكوين الدهون من مركبات تتكون أثناء الصيام، كما أن طول فترة الصيام من 15-16 ساعة، وشعور الصائم بالجوع، يساعد على تناول الطعام بنهم وبكمية كبيرة، خاصة عند الإفطار مما يعوض الانخفاض الحاد خلال النهار، والامتناع عن تناول الطعام يمكن أن يؤدي إلى فقد النسيج العضلي، حيث تستنفذ العضلات الجليكوجين، فيبدأ الجسم في اللجوء إلى الأحماض الأمينية ليحولها إلى جلوكوز، وفي إحدى التجارب على الفئران، لمدة ستة أسابيع من التجويع، وتناول وجبة واحدة، زادت أنزيمات تخزين الدهن عشرة أضعاف قدرها، واستغرقت من الوقت 18 أسبوعاً لتعود إلى حالتها، وكميتها الطبيعية بعد انتهاء النظام الغذائي.
ويرى " جينارو جوزيف " عام 1974: أن إنقاص السعرات الحرارية الداخلة للجسم يومياً إلى 1000 سعر أو أقل، تؤثر على مقاومة الجسم، وقد يسبب الصيام اليومي مشاكل في الهضم، والتمثيل الغذائي، والإحساس بالتعب الناتج عن الجوع والقلق والدوخة والرغبة في النوم، وعند الصيام يجب تجنب الآتي:
- زيادة فقد البروتين من الجسم.
- إنقاص المواد المعدنية والفيتامينات في الغذاء.
- الضيق الذي ينشأ من اشتداد الجوع والضعف الشديد.
حيث يمكن تجنب ذلك عن طريق تعويض الجسم بعض المواد الغذائية والمعادن والفيتامينات، كما يمكن التغلب على حالة الضيق الناشئ ( عن اشتداد الجوع بالانشغال في أنشطة رياضية هادفة ).
احتياجات الجسم من الطاقة:
تختلف كمية السعرات اللازمة والضرورية للحياة، من شخص لآخر تبعاً لعوامل متعددة، أهمها وزن الجسم، وطوله، والسن.
وكثير من البدينين، يعانون كثيراً من زيادة أوزانهم، ويحبون التخلص من زيادة الوزن، والطريق لذلك هو الصيام، وإليك عزيزي القارئ الأسس التي يعتمد عليها الريجيم الإسلامي بالصيام:
1- عدم الإسراف في الطعام مصداقاً لقوله تعالى: ( وكلوا واشربوا ولا تسرفوا ).
2- ممارسة الرياضة الكبرى، بكثير من المتعة والتمتع، وهي صلاة التراويح.
3- المشي لمدة ساعة يومياً، وممارسة بعض التمارين الرياضية، لمدة نصف ساعة على الأقل، قبل الإفطار بساعة ونصف، أو بعد صلاة التراويح على أن يحتوي البرنامج الغذائي على سعرات حرارية من ( 1200 – 2000 ) سعر حراري ليس أكثر.
4- على الصائم أن يتبع نفس نظام حياته العادية قبل الصيام، وخاصة من حيث العمل والحركة والنوم.
5- الصيام فرصة للتعود على تنظيم الغذاء، والاعتدال فيه، ويمكن الاستمرار في نظام مشابه بعد رمضان.
6- على الصائم أن يدرك أن عملية إنقاص الوزن، يجب أن تكون متدرجة وثابتة، عن طريق حذف الأطعمة ذات الطاقة الزائدة ( الدهون والسكريات والنشويات ) ويحتاج ذلك إلى إرادة قوية.
7- الصيام فرصة لراحة المعدة، فلا تسرف في تناول اللحوم والأغذية الصعبة الهضم.
8- الصوم ليس حرمان من الطعام للجوع فقط، بل هو فرصة لتحريك سكر الكبد، والدهون المخزونة تحت الجلد، وبروتينات العضلات، والغدد، وخلايا الكبد، مما يؤدي لتنظيف الجسم والأنسجة وتبديل الخلايا.
9- على الصائم أن يدرك أن صوم شهر رمضان فيه وقاية، وعلاج لبعض أمراض الجهاز الهضمي والعصبي والجلد وأمراض أخرى كثيرة، كما تشير إلى ذلك البحوث العلمية.
وفي أقل من ساعة تكون المعدة قد امتلأت، بعد فترة صيام تام مع الجوع لفترة لا تقل عن ( 13-17) ساعة، فيؤدي ذلك إلى ارتخاء في عضلات المعدة، وتصاب المعدة بالتلبك، وهذا أمر طبيعي، لأنَّ المواد الدهنية عسرة الهضم، والكربوهيدرات تملأ المعدة، وبخاصة إذا ما أضيف إليها الماء، فيتبع ذلك انتفاخ البطن، وضيق التنفس الذي يكون السبب فيه امتلاء البطن، والضغط على الحجاب الحاجز بين البطن والصدر؛ فيرتفع إلى أعلى فيسبب عدم تمدد الرئتين إلى الوضع الطبيعي، فيشعر الشخص بضيق التنفس بعد حوالي ساعة من الأكل، وكما سبق وذكرنا فإن الإكثار من البروتينات يؤدي إلى عسر الهضم وزيادة التعرض للإمساك، ويزيد من ظهور أعراض مرض التنفس، بالنسبة للمصابين به، أو اللذين عندهم استعداد له، هذا بالإضافة إلى أضراره بمرضى الكلى وتليف الكبد.
صدق من قال: صوموا تصِحُّوا " حديث ضعيف، ضعفه الألباني " ، وأصبحت دلائله واضحة، حيث أكدت دراسة أميركية أن الصوم لمدة 24 ساعة، ولفترات منتظمة يفيد الصحة بشكل عام والقلب بشكل خاص. وتوصل عدد من أطباء القلب في مركز (إنترماونتين) الطبي للقلب في الولايات المتحدة، إلى أن الصوم يمكن أن يخفض مخاطر تطور أمراض الشرايين التاجية والسكري، كما يمكنه ضبط معدل الكولسترول في الدم. والصوم لمدة 24 ساعة، مع الاكتفاء بتناول المياه فقط، يمكن أن يقوي هرمون النمو البشري، وهو هرمون بروتيني يقوم بتحفيز النمو وتحفيز تكاثر الخلايا وتجديدها في البشر.
واتفق بعض الخبراء على عدم خطورة الصــوم يوماً واحداً، ولكنهم حثوا على توخي الحذر عند محاولة إطالة فترة الصيام في إطار برامج خسارة الوزن. ويقول الخبراء أيضاً إن الجسم يطهر نفسه من السموم بشكل طبيعي عن طريق الكليتين والكبد، ويضيفون: إذا أردت طريقة آمنة لتخليص جسمك من السموم، أو وسيلة لخفض الوزن، تناول الأغذية الطبيعية، واشرب كميات كبيرة من المياه النقية وتجنب أخذ الأدوية بشكل مفرط وابتعد عن الكحول.
أدام الله لكم صحتكم وعافيتكم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.