إنها لأيام يسعد بها الغني والفقير والصحيح و العليل , فيدق ناقوس الفرحة في عيون الصغار بحلول فجر جديد تشرق فيه سماء باسمة في الدنيا من مشارقها إلي مغاربها .
يتقارب المتباعدون , ويتصالح المتخاصمون , وتبدو فيها صله الأرحام كمظلة من حضن دافىء يحتوي الناس كلهم .
ويطير بساط الريح حاملاً رسائل الغائبين حين أذن بزوغ الفجر , يحمل رسائلهم وعبراتهم وأشواقهم بمشاركتهم أسرهم وإخوانهم وأحبابهم تلك المشاعر الفياضة .
إنه فجر تنتظره قلوب الأيتام و الأرامل , تمتد إليهم الأيادي الحانية وتهتم بهم النفوس الطيبة تشاركهم اللحظات وتسعدهم بالعطف عليهم.
فجر تنتظره كل أم ثكلى قد فقدت ولدها , وكل ابن فقد أباه , وكل أسرة فقدت عائلها وديارها .
لكم كنت أتمنى أن يصبح العيد عيدين , فتتحرر البلاد من غاصب محتل , فيخرجون ناكسي الرؤوس مهزومين , وتتحرر من ظالم مستبد فيتمكن العدل في الديار على القوي والضعيف والغني والفقير .
وتتطهر ربوعها من فاجر مسيطر , أو فاسق متمكن , أو وصولي جبان , فيصير أبناؤها عبادا صالحين ومصلحين .
كنت أتمناه عيدا تتحد فيه قلوب المؤمنين جميعا حكاما وأفرادا , وترفع فيه شعارات التوحيد في ربوع الأرض , فترد فيه الكرامة المغتصبة , وتعود فيه الحرية الغائبة , فتلتئم الجراح الدامية , وتعود البسمة على الشفاه الحزينة .
ذلك العيد الذي ننتظر , فيفوح الشذا الطاهر عبيرا يعطر الأجواء , تذوب معه النفوس لترسم لوحة ربانية في كل قلب مؤمن , لتطرد الحقد والحسد والكبر والسوء والفحش والضرر , وتصير آمالها بث السرور وتقبل الطاعات .