
تلك الليلة التي يفي بها الصادقون وعدهم مع معبودهم الحق الجليل سبحانه لا إله إلا هو , أن أدينا ماأمرتنا وسعينا لرضوانك ياربنا وجهدنا أنفسنا في التبتل إليك والخشوع بين يديك , واعترفنا بضعفنا وفقرنا وجهلنا وعدم قدرتنا وجعلنا ذلك كله لك ياربنا , فلا حول ولاقوة إلا بك ولا قدرة لنا على شىء أبدا من جلب نفع أن دفع ضر.
وهي تلك الليلة التي يفي بها المخلصون لكل أحبابهم بأداء حقوقهم عليهم , سواء من زوجات أو من ابناء أو من والدين , أو من جيران أو رحم , يبذلون قدرتهم في تقديم الخير لهم ويؤدون مااستطاعوا رجاء إرضائهم وبرهم والإحسان إليهم
وهي ليلة يفي بها المؤمنون لنفوسهم بوعدهم , فلم يتركوها نهبا للشيطان , ولم يدعوها فريسة للهوى والشهوات , بل قاموا بتزكيتها وإكرامها وتعليمها وتهذيبها فصارت محلا قابلا للهدى والتوفيق .
وهي ليلة العهد الجديد الذي يجعله الصالح على نفسه طوال عامه المقبل , أن يثبت على ماعاهد عليه ربه , وأن يثبت على ماكان عليه أيام رمضان من صالح العمل , سائلا ربه التوفيق فيه .
وهي ليلة الوفاء لرمضان الذي كان شهرا مباركا عليه فيدعو ربه أن يعيده عليه سنين عديدة وأزمنة كثيرة يصلح فيها عمله ويزيده قربا إلى الله .
وهي ليلة وقاء لعباد الله الصالحين وملائكته المقربين الذين هم جند الله الرحمن , فهم قد أعانوه على الصالحات وحفظوه بحفظ الله له من الفتن طوال الشهر , ثم تكاثروا في ساحات العبادة " ربنا وسعت كل شىء رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم "
ولما علم الله سبحانه من هؤلاء الوفاء , أعلمهم سبحانه أنه عز وجل خير الأوفياء , فهو يوفيهم حقهم في آخر ليلة من لياليه , ومن أصدق من الله وعدا !
فلك ياربنا كل حمد الشاكرين , ولك ياخالقنا شكر الحامدين , أعنتنا على الطاعة , ورزقتنا بأيام المغفرة , ويسرت لنا فيها آداء ما تحب منا , على تقصير منا كبير , فأتمم نعمتك علينا ياارحم الراحمين وتقبل منا إنك أنت الغفور الرحيم