إنها تلك الدوافع الكامنة وراء كل سلوك تجتمع معه فتكون الفعل الظاهر العملي في الخارج , فلكل فعل دافعية تدفعه نحو الخروج إلى عالم التنفيذ
وقد أمر الإسلام بمراجعة تلك الدوافع قال الله سبحانه : " وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة " فالعمل العبادي هنا لابد أن تدفعه دافعية الإخلاص الكامل لله وحده لاشريك له
ومن ثم فحديث النبي صلى الله عليه وسلم يعلمنا أن الحساب على ما وقر في القلب وخرج في الفعل لا ما ظهر من السلوك فحسب فيقول صلى الله عليه وسلم في المتفق عليه " إن الله لا ينظر إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم "
فأصل التقويم هو تقويم ذلك الدافع الذي يجب أن يكون خالصا لله سبحانه وابتغاء الدار الآخرة , والداعية إلى الله سبحانه إذا كانت دافعية سلوكه دوما ابتغاء رضا ربه وامتثال لأمره فهو الناجح الذي سيظل في إنجازه وتقدمه
وإذا سقط إلى هاوية رغبات الهوي وابتغاء رؤية الناس ومديحهم له أو افتخار لقدر نفسه أو أن يكون فعله عادة تعودها أو أن دعوته إلى الله واطأت رغبة محمومة في نفسه بالتقدير أو التوقير أو صحبة قوم بأعينهم أو مصلحة ذاتية معينة فعنذئذ قد خاب عمله وساء سعيه وفشل مراده فلن يجني من تعبه إلا الحنظل المر والشوك الدامي إذ إنه استحب العاجلة على الآجلة الخالدة
يقول النبي صلى الله عليه وسلم كما عند أصحاب السنن " رب صائم ليس له من صومه إلا الجوع والعطش ورب قائم ليس له من قيامه إلا السهر والتعب " والأمر ههنا مطرد في كل عمل , وعمل الدعوة من باب أولى فهو نوع عبادة أيضا فنستطيع أن نقول أيضا أنه : رب داعية متحرك ليس له من دعوته ولا من حركته إلا الجهد والتعب ...