بعض الناس إذا فعل بعض الطاعات والقربات في أيام معدودات اطمأن لعمله وركن إليه وارتاحت نفسه لطاعاته ورضي بما يقدم لله, بل تولد عنده شعور أنه أدى حق الله عليه, وقد يجره هذا الشعور إلى الإعجاب بعمله والسرور به والغرور به ..
نعم الصالحات تسعد أهل الإيمان , ومن سرته حسنته وساءته سيئته فهو صالح , وقلب المؤمنين يفرح بالثواب .. ولكننا نحذر من الاغترار بالعمل , أن تعجبك عبادتك , والصالحون لا يفعلون ذلك ..
لأن الصالحين دائمًا يشفقون من ربهم ويخافون ألا يقبل منهم أعمالهم, ولا يأمنون على أعمالهم أن يكون قد شابها ما يردها عند الله فلا يقبلها سبحانه، قال الله سبحانه: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ} [المؤمنون:60], قالت عائشة رضي الله عنها: سألت رسول الله عن هذه الآية فقلت: أهم الذين يشربون الخمر ويزنون ويسرقون؟ فقال: (لا يا ابنة الصديق, ولكنهم الذين يصومون, ويصلون, ويتصدقون, ويخافون ألا يتقبل منهم)أخرجه الترمذي
قال الإمام ابن القيم رحمه الله: "فالرضا بالطاعة من رعونات النفس وحماقتها, وأرباب العزائم والبصائر أشد ما يكونون استغفارًا عقيب الطاعات لشهودهم تقصيرهم فيها وترك القيام لله بها كما يليق بجلاله وكبريائه وقد أمر الله تعالى حجاج بيته بأن يستغفروه عقيب إفاضتهم من عرفات وهو أجل المواقف وأفضلها فقال: {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ. ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}[البقرة: 198-199] وقال تعالى:{وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ} [آل عمران:17], قال الحسن: مدوا صلاتهم إلى السحر ثم جلسوا يستغفرون الله عز وجل, وفي الصحيح أن النبي _صلى الله عليه وسلم_ كان إذا سلم من الصلاة استغفر ثلاثًا" رواه مسلم.." مدارج السالكين
فإن الاعتماد على العمل وحده يولد غرورًا وعجبًا وسوء أدب مع الله سبحانه, وصاحب العمل لا يدري هل قُبل عمله أم لا, ولا يدري قدر ذنوبه ومعاصيه, وهل يثقل بها عمله أم لا, فينبغي طلب رحمة الله ومغفرته دائمًا وهو الغفور الرحيم.