أثر غياب تطبيق المنهج التربوي الإيماني لأهل السنة في العقود الأخيرة , تأثيرًا ظاهرًا على العمل التربوي الإسلامي, مما دفع بعض الحركات الإسلامية إلى تبني المناهج الصوفية, وطريقة التصوف في تربية أبنائها.
ولما نظرت بعض تلك الحركات إلى مناهج التصوف فوجدتها قد حادت - في كثير من الأحيان - عن سبيل السلف الصالح في تزكية نفوسهم, حاولوا أن يُدخلوا تعديلات وتغييرات على المنهج الصوفي, رجاء أن يقترب من المقبول عند العلماء , ولكن للأسف الشديد فقد كانت الطريقة الصوفية قد وصلت إلى طريق لا يمكن التعديل فيه ولا التغيير.
ولقد رأيت الكثير من محاولات المربين لتحسين صورة التصوف المنحرف ونبذ أوهامهم وطرد كثير من جهالاتهم المنهجية والوقوف معهم على أصول علمية يبنى عليها منهجهم في التزكية النفسية, إلا أنهم - مع كبير مجهودهم - لم يستطيعوا أن ينالوا مرادهم, بل لقد وقعوا في محظورات منهجهم في أحيان كثيرة, وشاركوهم في إثبات بعض المحدثات والمبتدعات التي تخالف منهج أهل السنة والجماعة. وكذلك فقد تبعهم كثير من الباحثين؛ فأصدروا كتبًا تحاول تنقية التصوف من دخنه, ومن ذلك: ما كتبه أحد الباحثين الدعاة – محاولاً تنقية المنهج الصوفي- فقال: "وسأجتهد في هذه الدراسة: أن أرد التصوف إلى جذوره الإسلامية, مستمدين من محكمات القرآن الكريم وصحيح السنة المطهرة, وأن أنقي التصوف الحق مما علق به من شوائب كدرت صفاءه وشابت جوهره, مما تأثر به من مصادر أجنبية غريبة عن طبيعة الإسلام ووسطيته, ومما دخل عليه من أوهام البشر وأهوائهم وتجاوزاتهم المائلة إلى الغلو حينًا, وإلى التقصير حينًا آخر".
وقد يكون هذا الكلام حسنا من جهة كونه يريد تنقية المناهج المنحرفة من الكدرات والشوائب والأوهام والأهواء والتجاوزات - على حد قوله - , إلا أن هناك سؤالاً لابد منه, أرجو أن يتدبره كل الباحثين الذين ينهجون نفس النهج من اعتبار الصوفية هي منهج التربية الإيمانية, هذا السؤال هو:
ولماذا إذن التمسك بمُسمى التصوف وقد صار لا يدل إلا على المنهج المتكدر؟
فليتدبر الباحثون الإسلاميون في هذا الكلام, وليوجهوا مجهوداتهم تجاه الصحيح الثابت من منهج أهل السنة والجماعة, وهو متيسر وفي متناول الجميع.