إعلام "كريموف" يبرّر المطاردات المستمرة للشيخ عابد قاري وشباب الإسلام في أوزبكستان

منذ أكثر من عشر سنوات تواصل الحكومة الأوزبكية برئاسة الدكتاتور المتسمي زوراً وبهتاناً بـ"إسلام كريموف" عبر وسائل إعلامها المفسدة هجماتها على كل من لا يرضى بالعبودية والتسليم لـ"إسلام كريموف" وتحاول أن تلصق بكل الأحرار تلك التهم المنتنة التي أزكمت أنوفَ جميع العقلاء.
 
وقبل أيام قليلة عرض التلفيزيون الأوزبكي الرسمي فيلماً مدبلجاً يتهجم على شباب الصحوة الإسلامية في أوزبكستان ويتهمهم بالإرهاب وإثارة القلاقل في البلاد ويزعم فيه أن هؤلاء الشباب يستحلون دماء الناس وأموالهم للوصول إلى أهدافهم المقدسة لديهم.
 
وحتى يخدع مذيعوا "كريموف" عوامَّ الناس ليجعلوهم يصدقون المزاعم الحكومية وضعوا أمام شاشات الإعلام صوراً لبعض الشخصيات الشهيرة في صفوف المسلمين مثل الشيخ الإمام عابد قاري، وبدؤوا يحذرون الناس منهم بلسان المشايخ الحكوميين حتى يطبقوا قول الشاعر تطبيقاً عملياً:
 
وظلم ذوي القربى أشد مضاضة * * * على النفس من وقع السهام المهند
 
شرعوا في بداية الفيلم بالحديث عن أحد طلبة العلم وكشفوا للرأي العام بعض المعلومات المتعلقة بسيرته الشخصية -ميلاده ودراسته وعنوان منزله وصورته وما إلى ذلك- ، سواء كانت صحيحة أو باطلة، وذلك من أجل زرع الخوف والذعر في نفوس الآخرين من الشباب المسلم المطاردين وآبائهم وأمهاتهم، وكأن المخابرات "الكريموفية" يقولون لنا – نحن الشباب المسلم-: "يا أيها الهاربون من قبضة كريموف! نحن نعرف عناوينكم جيداً، ولدينا تفاصيلكم الكاملة! وسنمسك بكم جميعاً!" ونحن نقول لهم: "بل أنتم يا عبيد كريموف! أنتم وسيدكم الأحمق المطاع! كلكم مقهورون مغلوبون أمام إرادة الله، ألا إن كلمة الله هي العليا! ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون! وسينتقم الله لأوليائه المظلومين منكم يا أيها الطواغيت! إن موعدكم الصبح بإذن الله! أليس الصبح بقريب!".
 
بناء على ما جاء في الفيلم الحكومي فإن:
"عبد الرحيم صائبوف تورغونوفيتش" أحد الإرهابيين الذين يهددون أمن واستقرار أوزبكستان، وهو من مواليد عام 1975م، بمدينة طشقند، في حي "أوشتيبا"، شارع "ياكديل"، المنزل رقم (13)، متزوج، له ولدان، عضو في التيار الجهادي الديني الأصولي".
 
ويستمر الفيلم "الكريموفي" في عرض مسرحيته التلفيزيونية المضحكة المبكية ويواصل المذيع في سرد سيرة عبد الرحيم صائبوف حسب ما في أوراق وملفات الاستخبارات الأوزبكية:
 
"تتلمذ عبد الرحيم صائبوف على يد عابد نازاروف[يعني الشيخ عابد قاري – إمام وخطيب طشقند سابقاً والذي بدأت مطاردته في عام 1998م بعد أن رفض الانصياع لأوامر الاستخبارات الأوزبكية رفضا قاطعا]، ودرس خلال الأعوام 1996-2000م في الحجرات التي أسست بطرق سرية تحت إشراف عابد نازاروف".
 
وللرد على هذه المزاعم الجديدة صرّح الشيخ عابد قاري –الذي يعيش حالياً مهاجراً فارّاً بدينه ونفسه وأهله- لإذاعة "أوروبا الحرة" قائلاً:
 
"أنا لا أعرف هذا الشخص[يعني عبد الرحيم صائبوف]، الآن سمعت عنه، وأنا ولله الحمد أتذكر الكثير من تلاميذي جيداً، ولكن لا أعرف منهم شخصاً اسمه عبد الرحيم صائبوف، لم أستطع أن أتذكر شخصاً بهذا الاسم، وفي نظري – بل يمكن أن نجزم به- بأن هذا ليس إلا فتنة وافتراء وسيناريو جديد اخترعته إدارة MHH[المخابرات الأوزبكية]".
 
نعود مرة أخرى إلى ترجمة بعض تفاصيل الفيلم "الكريموفي" حيث يواصل المذيع في حكايته "الهوليودية" قائلاً:
 
"هؤلاء الإرهابيون يعتقدون بأنه إن لزم الأمر أثناء سيرهم للمسلك المقدس يجوز مصادرة أموال وممتلكات ضعفاء الإيمان وسرقة بساطهم وقتل أشخاصهم، فمن أجل الوصول إلى المقصد يرخصون لأنفسهم جميع أنواع الوسائل والأساليب".
 
فبناء على مزاعم الفيلم "الكريموفي" فإن شباب الإسلام في أوزبكستان يجمعون الأموال بالسرقة والغصب والقتل لاستخدامها في الجهاد ؟!
 
وبعد مشاهدة هذا المقطع من الفيلم يتوجه مراسل إذاعة "أوروبا الحرة" إلى الشيخ عابد قاري ليسأله عن موقفه من هذه الدعاوى فأجاب –حفظه الله- قائلاً:
 
"دين الإسلام يدين قتل الإنسان بشدة، ونحن ولله الحمد كنا وما زلنا نعلّم طلاب العلم الخير، فمثل هذه الدعاوى ليست إلا افتراءات باطلة بلا شك، وبالنسبة لجريمة القتل فهي أنجع وسيلة وأفضل طريقة لدى MHH[يعني الاستخبارات الأوزبكية] و IIW[يعني وزارة الداخلية الأوزبكية]، فقتل الإنسان من أبسط الأمور عندهم، وهم من عادتهم أنهم يتهمون الآخرين بجرائم أنفسهم -ولا سيما جرائم القتل التي يرتكبونها هُم- ليضللوا الناس ويشغلوهم".
 
ثم يشرع الفيلم في هدفه الحقيقي من إنتاجه فيزعم أن الشيخ الإمام عابد قاري نازاروف كان على صلة بقياديي حركة أوزبكستان الإسلامية المسلحة من أمثال طاهر يولداشيف وجمعة نمنكاني فيقول المذيع –وهو يعرض صور هذه الشخصيات على شاشات التلفيزيون-:
 
"طاهر يولداش، وجمعة نمنكاني، وعابد نازاروف وأمثالهم من مفسدي البلاد أسسوا الحجرات السرية حتى في دول أخرى وقاموا بتعليم الشباب الضالّين عن الطريق وتدريسهم الكتب الدينية الأصولية وتسميم عقولهم ومفاهيمهم".
 
وللرد على هذا الادعاء نعود إلى تقرير إذاعة "أوروبا الحرة" التي سألت الشيخ عابد قاري عن موقفه من ذلك فأجاب قائلاً:
 
"أولاً أنا ما زلت ولا أزال أؤكد بأنه لم يكن بيني وبين طاهر يولداش وجمعة نمنكاني أي علاقة، أما جمعة نمنكاني فلم أشاهده في حياتي ولا مرةً، وإذا جئنا لمسألة التعليم والتدريس فنحن كنا نشتغل بالتعليم داخل البلاد (في أوزبكستان)، فقد درّستُ إلى عام 1997م...".
 
وهنا يقاطعه مراسل الإذاعة قائلاً:
 
الفيلم يقول بأنكم درستم في الداخل من عام 1996م إلى عام 2000م ؟
 
فيجيبه الشيخ عابد قاري مواصلاً حديثه:
 
"أقول هذا من بطلانه، فنحن كنا نشتغل بالتدريس بشكل علني إلى عام 1997م [يعني كان الشيخ عابد قاري يشتغل بالتعليم والتدريس منذ أواخر أيام الاتحاد السوفيتي من أواسط الثمانينات إلى عام 1997م بشكل علني وقانوني بصفته إماماً معترفاً به لدى الإدارة الدينية الرسمية]. وفي عام 1998 اضطررت للخروج من البيت islomovozi.com" (صوت الإسلام) نقدم فيه الأسئلة والأجوبة الشرعية".[والاختفاء عن أنظار الحكومة وعملائها]. وبعد أن جئنا إلى أوروبا [بعد أن مُنِح اللجوء السياسي في عام 2006م] وفقنا الله لعدد من التسهيلات والحرية ولله الحمد وبدأنا نواصل نشاطاتنا التعليمية، ودروسنا مفتوحة، فأي شخص يريد فبإمكانه المشاركة، ونحن نقوم بالتدريس في البيت وفي المسجد، ولدينا موقع "
 
ثم يورد الفيلم "الهوليودي الكريموفي" أدلة على إثبات دعاويه فيأتي الصحفيون الكريموفيون لزيارة السجون ويقابلون بعضاً من الشباب المسجونين ويسألونهم عن أفكارهم وأنشطتهم التي كانوا يمارسونها قبل إلقاء القبض عليهم فيتحدث بعض السجناء بما يكون قد أملي عليه خلف الكواليس السرية ببدرومات وزارة الداخلية، فيقول أحدهم –بما معنى كلامه-وهو يحكي قصصاً هوليودية من تأليف ضباط المخابرات:
 
"هجمنا على منزل أحد الفجار فاستولينا على أمواله، وكنا ثلاثة مجاهدين فاقتسمنا تلك النقود بيننا وكان نصيبي منها مائة دولار ".
 
يقول مراسل إذاعة "أوروبا الحرة" معلقاً على مثل هذه المقابلات الصحفية:
 
"العجيب في هؤلاء الصحفيين الذين يسمون أنفسهم "بأننا صحفيون مستقلون نحقق الأخبار ونحللها بدقة وبكل حرية" أنه يفتح لهم أبواب السجون الحديدية على مصراعيها واسعةً ويبادر السجناء للحديث أمام مكروفوناتهم ليعترفوا لهم بكل جرائمهم!"
 
دعونا نأخذ رأي الشيخ عابد قاري حول اعترافات هؤلاء السجناء المعذبين لدى جلادي كريموف:
 
"هؤلاء (السجناء) يمرون بابتلاء عظيم، فليس الأمر هيناً، فالإنسان الذي يمارَس بحقه التعذيب يمكن أن يقول أي شيء، وديننا الإسلامي يرخّص لمن يتعرض للتعذيب ولمن يقع في خطر الهلاك أن يقول كلمة الكفر بالله [يعني إن كان الظلمة يجبرونه على ذلك مهددين بقتله وتعذيبه]، والله سبحانه وتعالى يعفو عنه حين يقول ذلك مكرَهاً، فلذلك لا عبرة بأقوال السجناء، ولا أحد من العقلاء يقبل مثل تلك الاعترافات بأنها اعترافات صحيحة، فالإنسان متى ما خرج إلى الحرية الكاملة فحينئذ قد يقال بأن هذا الكلام كلام صحيح. أما كلام هؤلاء في مثل هذه الحال هو شبيه تماماً بما يفعله ويقوله هؤلاء الممثّلون في المسرح، فالممثل يخرج إلى المسرح ويتكلم بكل ما هب ودب، وينطق بالكلمات التي يؤمر بها وإن كانت كلمات قبيحة وبذيئة، فإذا اعترض عليه أحد وقال له بعد نهاية المسرحية: "يا فلان كيف تقول مثل هذا الكلام؟" يرد عليه قائلاً: "ألا تعرف أنني أمثل فقط؟" فيبدأ يبرئ نفسه، فكذلك السجناء يمكن أن يتكلموا بأي شيء، فلا عبرة بقولهم".
 
هذا هو موقف الشيخ من مثل هؤلاء الشباب المعذّبين لدى كلاب "كريموف"، أما موقف الأئمة الحكوميين والمشايخ الرسميين من أمثال أنور قاري الذي ظهر مرة أخرى في مثل هذه الألعوبة الحكومية وهو يمتثل أوامر "ولاة أمره" لتشويه سمعة علماء الأمة الربانيين وشباب الصحوة المظلومين فيقول عن شباب الصحوة الذين حُرموا من العمل بشعائر الإسلام بـحرية كما حُرموا من علماء الأمة الربانيين المطاردين، فيقول بأنهم "خائنون للوطن" ويصفهم بالإرهاب وهم منه برآء.
 
وحين سأل مراسل إذاعة "أوروبا الحرة" موقف الشيخ عابد قاري من أئمة الإدارة الدينية الذين يهاجمون شباب الإسلام ويصفونهم بأبشع الصفات ويسهلون للحكومة عمليات قمع المسلمين فقد آثر توكيل أمرهم إلى الله ورفض التحدث عنهم واكتفى بقوله:
 
"نشكو إلى الله كلَّ من أيّد الظلم والله هو الحَكَم العدْلُ ويوم القيامة ينتظر الجميع".
 
ونختم هذا التقرير بتعليق المحلل السياسي الأوزبكي المستقل "علي شير تاكسانوف" على هذا الفيلم حيث قال في حديثه لإذاعة "أوروبا الحرة":
 
"نلاحظ في الآونة الأخيرة تكثيف مثل هذه الأفلام التي تتهجم على من تدعي الحكومة أنهم يهددون استقرار البلاد، فقد وصل عدد الأفلام التي تم عرضها خلال هذه الأيام ثلاثة أفلام، فالأول كان يتهجم على عدد من الصحفيين المستقلين، والفيلم الثاني تهجم على بعض الفرق النصرانية المتدينة التي لا تنصاع للحكومة، وهذا الفيلم الثالث يتهجم على الجماعات الإسلامية المستقلة، وهذه الهجمة الإعلامية الشرسة على مخالفي الحكومة تدل على أن عملية صناعة الأعداء لتخويف الشعب بهم قد وصلت إلى قمتها، فماكينة الترويج الإعلامي الحكومي تعمل بنشاط، فإن الحكومة التي أوصلت مواطنيها إلى آخر دركات الانهيار الاقتصادي تحاول لتضليل أذهان هذا الشعب عن هذا الواقع المؤلم باصطناع الأعداء، وهؤلاء الأعداء هم المعارضون للحكومة والصحفيون المستقلون والمتدينون المستقلون، فكأن الحكومت تريد أن تقول للشعب: بسبب هؤلاء الذين هم أعداء الوطن وخونتها وقعتم في هذا الفقر!".
 
ثم يختم المحلل "علي شير تاكسانوف" حديثه قائلاً:
 
"مثل هذه الأفلام التي تروّج للمجتمع الذي لا توجد فيه مصادر إخبارية مستقلة والناس لا يثقون في إعلام الحكومة قد ينقلب السحر على الساحر نفسه فيكون تأثير الأفلام على الناس ليس كما تسعى إليه السلطات بل بالعكس، كما يقع ذلك في بعض الأحيان".