عبد المجيد الحربي
كثيراً ما أفكر في شمولية دين الإسلام ..ومن الحالات التي أفكر فيها بهذا الأمر .. عندما أرى مشروعاً قام بأيدٍ متطوعة لا تريد من غير الله جزاءً ولا شكوراً .. و أقول : لو لم يكن في ديننا ما يحث على عمل الخير و احتساب الثواب عند الله هل كان لمثل هذا المشروع أن يقوم؟!
بمعنى أننا بحاجة لوجود وعي من كافة شرائح المجتمع بضرورة التطوع بل وصحيته بما ينعكس على إيجاد الرغبة و المبادرة إلى التطوع.
ولا شك أن انتشار ثقافة التطوع في أيٍ من المجتمعات هو مؤشرٌ صارخ على تقدمه ورقيه في كافة المجالات.
بعموم فضفاض .. فإن ابتعاد الأمة عن روح الإسلام والحياة به و له أفرز الكثير من الإشكاليات على مستوى التصور والإدراك ..
اليوم .. أصبح من المستغرب بشدة عند الكثيرين أن يجدواً فرداً أو جماعةً يعملون بلا مقابل .. و كأننا أصبحنا كائنات نفعية لا هاجس لها إلا ما ستجنيه من المنافع المادية بعد ذلك العمل .. و لقائلٍ أن يقول: إن الحياة عند الكثير قد حصرت في مرتكز وحيد و هو مرتكز المادة ومشتقاتها التي بالطبع لا تتضمن التطوع من أي وجه كان !
و من نافلة القول .. أن نقول : إن مما أسهم في الوصول إلى هذه المرحلة – عند الكثير – هو طابع \"لقمة العيش\" الذي أضحى شرساً إذا تأملنا في عدد الساعات المستهلكة يومياً في الوظائف و ما يصدق عليه أن يكون سبيلاً لتحصيل لقمة العيش هذه، أخذاً بالاعتبار أن أبرز ما يحتاجه العمل التطوعي – على مستوى الفرد – هو الوقت.
أما على الصعيد المؤسساتي .. فنجد – في أغلب المؤسسات- تخبطاً و عشوائية في التعاطي مع التطوع و المتطوعين .. بدءاً من نشر الثقافة .. مروراً بآليات استقطاب المتطوعين وتأهيلهم .. و انتهاء بالاستفادة من طاقاتهم و مواهبهم ..
ثم إنه لن يستمر و لن يبدع ما لم يُجعل في المكان المناسب رغبةً .. و طاقةً .. و بيئةً.
ولنا في الغرب عبرة .. \"VolunteerMatch.org\" موقع أمريكي يتيح لمن أراد التطوع إيجاد الفرصة المناسبة له .. لقدراته .. لرغباته .. و القريبة من مكان إقامته .. عن طريق بوابة لربط المتطوعين بالجهات المستفيدة .. وبهذا يتحقق مراد المتطوع و الجهة المستفيدة باحترافية اختصرت في \"ضغطة زر\"!
و لذلك .. فلا عجب أن تذكر بعض الإحصائيات أن معدّل تطوع الفرد الغربي في الأسبوع هو من 4 إلى 5 ساعات! .. هذا فضلاً عن الاستفادة من المتقاعدين و شغل أوقاتهم بأعمال تطوعية مناسبة .. في الوقت الذي يُعدون فيه في بعض مجتمعاتنا أناساً انتهت \"صلاحيتهم\" وعليهم أن يستريحوا ! و تُقتل فيهم روح العطاء و البذل – التي تسهم في إسعادهم وشعورهم بالرضا النفسي- تحججاً بهذه الفكرة الخاطئة الكاذبة!
ألا يحق لنا أن نتساءل : أين أمة التطوع من كل هذا ؟
\"ملحوظة : الموضوع طويل و يحتاج لبسط و تفصيل .. و لكنني أحسبها مساهمة واجبة في ظل الواقع المحزن\".
نشر بمعرفة : نور الإسلام