النائب حسن العربي : سويسرا لا تعترف بالإسلام كدين رسمي و أبناؤنا يعيشون مرحلة تخوف وإرهاب إعلامي ..

أجرى الحوار: همام عبد المعبود
أوضح حسن العربي، النائب المسلم الوحيد في برلمان مقاطعة "كياسو" السويسرية أن عدد المسلمين المتواجدين في سويسرا يبلغ الآن 420 ألفا من أصل 7 مليون و 300 ألف نسمة، أي حوالي 4.3 % من نسبة سكان سويسرا.
وقال العربي المصري المولد السويسري الجنسية، في حوار خاص لموقع "المسلم": إن هذا العدد الهائل من المسلمين يعيش حياة صعبة، بسبب تصوير التيار اليساري واللوبي الصهيوني للمسلم على أنه إرهابي هوجائي غير منظم، وهو تصور يخيف الناس ويقف عقبة في طريق حصول المسلمين على حقوقهم , ويجعل أبناءنا يتربون في بيئة مخيفة
وأضاف العربي، في الحوار الذي أجري معه خلال زيارته الأخيرة للقاهرة، أن هناك حملة يقودها حزب إيطالي مُعارض داخل سويسرا تسعى ليل نهار لتشويه صورة الإسلام والمسلمين وكان منهم هذا الوزير الذي اساء إلى الإسلام مؤخرا

مزيد من التفاصيل في نص الحوار:

* في البداية أستأذن حضرتك في التعريف بنفسك وبعض دورك في المجتمع السويسري ؟
** اسمي حسن العربي، مصري المولد، سويسري الجنسية، وأعيش في سويسرا منذ 22 عاماً , متزوج من سيدة سويسرية، كانت تدين بالمسيحية، فمن الله عليها بالهداية والدخول في الإسلام ووهبني الله ولدا وحيدا اسمه عمر يدرس الفيزياء في جامعة "فربيوبرج".

وأنا الآن عضو في البرلمان المحلي لمدينة "كياسو" التابعة لمقاطعة "تتشينو"، كما أني النائب المسلم الوحيد في برلمان كياسو، وأول مسلم وأول عربي يدخل مجلس نواب مدينة وكان ذلك في عام 2004م.
كما أنني عضو بلجنة "مناهضة العنصرية وتشجيع الاندماج الإيجابي"، وهي لجنة حكومية تابعة لمقاطعة "تتشينو"، وتضم ممثلين من الأجانب والسويسريين، سياسيين وغير سياسيين.
أسست المكتبة الإسلامية عام 1999م، وتم ضمها لمسجد لوكانو التابعة لجمعية مسلمي تتشينو وتضم (لوجانو + كياسو+ جوبياسكو).
وتم اختياري كممثل لجمعية مسلمي تتشينو أمام الإعلام السويسري خلال الفترة من 1996 – 2006م، حيث تركت المنصب في أول فبراير 2006م، لإعطاء الفرصة للشباب وفتح المجال أمامهم ليقوموا بدور فعال، وحتى أتفرغ أنا للترجمة من اللغة الإيطالية التي هي لغة مقاطعة تتشينو.

* ماذا عن التواجد الإسلامي في سويسرا؟، وكم يبلغ عدد المسلمين في سويسرا؟
** التواجد الإسلامي في سويسرا يرجع إلى عام 1970م، حيث كان تعدادهم لا يزيد عن عدة آلاف في سويسرا كلها، والآن زاد عددهم إلى 420 ألفا، وبمقاطعة "تتشينو" وحدها يتواجد فيها من المسلمين حوالي 6 آلاف مسلم، 800 مسلم منهم فقط حاصلين على الجنسية السويسرية.
فعدد مسلمي سويسرا اليوم 420 ألف مسلم، من أصل 7 مليون و300 ألف نسمة، أي حوالي 4.3 % من نسبة سكان سويسرا، ولقد تضاعف عدد المسلمين منذ 1970م (16.350) إلى سنة 2000م عشرون مرة، وبهذه النسبة يعتبر الإسلام الديانة الثانية بعد النصرانية بشطريها (الكاثوليك والبروتستانت) من حيث عدد السكان.
كما يبلغ عدد المسلمين من أصل عربي حوالي 60.000 مسلم ومسلمة. ويمكن ترتيبهم عدديا على النحو التالي: التونسيون, الجزائريون, الصوماليون, اللبنانيون, المغربيون, السوريون, المصريون، ثم الليبيون.
بينما يبلغ عدد المسلمين السويسريين حوالي 40.000 مسلم ومسلمة، بينهم حولي 20000 من أصل سويسري.
ويبلغ عدد المسلمين من أبناء الجيل الثاني والثالث في سويسرا، من مختلف الجنسيات، حوالي 150.000 مسلم ومسلمة تقريبا.

* وما هي أبرز الأنشطة الإسلامية في سويسرا؟
** هناك أكثر من 300 جمعية ( مصلى + مكتبة + مكتب لتحفيظ القرآن)، وفي جنيف وحدها أكثر من مركز إسلامي، وأشهرهم المركز الثقافي الإسلامي، الذي بنته المملكة العربية السعودية، وهناك محاولا ت جادة لعمل "اتحاد مسلمي سويسرا".

* ماذا عن المساجد في سويسرا؟
** يوجد في سويسرا حوالي 120 مركزا إسلاميا (واحد فقط بني وفق الطراز المعماري الإسلامي بجنيف). منها : حوالي 60 مركزا يشرف عليها الإخوة الأتراك، والمركز الرئيسي بمدينة زيورخ. وحوالي 40 مركزا يشرف عليها مسلمو بلاد البلقان (بوسنيون وألبان)، المركز الرئيسي مقره في زيورخ. وحوالي 20 مركزا يشرف عليها الأخوة العرب، وأهمهما المؤسسة الثقافية الإسلامية بجنيف ومؤسسة زيورخ والمركز الإسلامي ببازل.
والملاحظ أن أغلب المراكز هي عبارة عن أماكن صغيرة للصلاة وقليل منها الذي يستطيع أن يؤدي الدور المنوط به، والذي يتماشى ومتطلبات المجتمع الذي نعيش فيه من وسائل عصرية ونظم متطورة ويسمح لها بالقيام بأعباء الدعوة الإسلامية على أحسن وجه، ويجعلها على مستوى ينافس فيه دعاة الديانات الأخرى.

* نسمع عبارة "سويسرا مجتمع متعدد الثقافات واللغات".. فما المقصود بهذه الكلمة؟
** فعلا سويسرا بلد متعدد الثقافات واللغات، فهي تنقسم إلى أربعة أقسام: قسم يتكلم الفرنسية، وقسم يتكلم الألمانية، وقسم يتكلم الإيطالية، وقسم يتكلم الرومانشية. فليست هناك لغة اسمها اللغة السويسرية، بل كل مقاطعة أو مدينة تتكلم اللغة التي تناسبها.

* وهل الحريات الدينية في سويسرا هناك تسمح بتفوق المسلمين؟
** ليس في كل الأحيان فهناك ميزات وعقبات..

* وماذا عن الميزات؟
** هناك درجة كبيرة من الحرية، فأنا على سبيل المثال لي مقال دوري أكتبه بالجريدة الرسمية بالمنطقة واسمها "جورنال دليبو" أي جريدة الشعب، وما أكتبه ينشر دون تدخل أو تحريف، وعند وقوع أزمة الرسوم المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم كتبت مقالا رددت فيه على هؤلاء الذين يسيئون للرسول ونشر كما هو دون أن يحذف منه كلمة واحدة.
وقد احترمت كثير من الصحف الصادرة في مقاطعة تتشينو مشاعر المسلمين فلم تعيد نشر الرسوم المسيئة عدا صحيفة واحدة لا وزن لها، ووجهت بغضب واستنكار شديد
لكن الجهات الحاقدة على الإسلام استغلت المظاهرات الغاضبة في الدول العربية والإسلامية والتي نقلت الفضائيات صورا منها على الهواء مباشرة وحاولوا أن يشوهوا ببعض التصرفات الغاضبة مثل حرق الأعلام والصور والاعتداد على بعض مقرات وسفارات الدانمرك ونسوا الفعل الدافع إلى ذلك فضلا عن عدم معرفتهم قدر محبة المسلمين وتقديرهم لرسولهم الحبيب صلى الله عليه وسلم .

* وما هي العقبات؟
**نحن نعيش الآن مرحلة تخوف وابناؤنا يعيشون مرحلة إرهاب إعلامي وخاصة من الجهة الإيطالية، فهناك حملة يقودها حزب إيطالي معارض، تسعى ليل نهار لتشويه صورة الإسلام والمسلمين، وكان منهم هذا الوزير الذي اساء إلى الإسلام مؤخرا
وللأسف فإنهم يصورون المسلم على أنه إرهابي هوجائي غير منظم، وهو تصور يخيف الناس ويقف عقبة في طريق حصول المسلمين على حقوقهم.

* لكن – برأيك - هل هناك عقبات تمنعكم من الانخراط في المجتمع السويسري أو متابعة القضايا الإسلامية في الشرق الأوسط؟
**المسلمون في سويسرا وفي أوربا بأكملها قادرون على التعريف بالقضايا الإسلامية، فالاختراق الحقيقي لم يحدث بعد وذلك لنقص الإمكانيات، وربما رجع ذلك إلى أن أهل الخير والبر من أثرياء المسلمين لا ينظرون نظرة أبعد وأكثر مستقبلية لمفهوم العمل الخيري.

* وهل عن القانون السويسري يحميكم ويحافظ على حقوقكم أم يقف عقبة أمامكم؟
**من الناحية القانونية لا توجد عقبات، بل كلها عقبات تشكيكية، فمثلا الدكتور طارق رمضان كمثقف مشهور ومعروف له كتبه وآراؤه التي يتعاطف معها الشارع السويسري غير أنه على أي حال شخصية مثيرة للجدل.
وبالمناسبة فإن سويسرا تختلف عن دول أخرى فيما يخص قضية الدين؛ حيث تتركه للمقاطعات، لتنظمه بما يتناسب مع ظروفها.
وبشكل عام لا تعترف البلاد بالإسلام كدين رسمي، على الرغم أنها تعترف بالديانة الكاثوليكية والبروتستانتية. وإن كانوا يعترفون بالتواجد الإسلامي واليهودي في المجتمع السويسري.

* وهل هناك مشكلة في موضوع الحجاب بالنسبة للمسلمات في سويسرا؟
** في السنوات الأخيرة طرأ بعض التعكير على صفو العلاقة بين المسلمين والمؤسسات العامة، إذ يثور جدل منذ عام 1996 بعد حرمان المُعلمة المحجبة "لوسيا دحلب" من ممارسة مهنتها في مدارس جنيف لأنها ترتدي الزي الإسلامي.
كما تفاقم الأمر بإقدام إدارة المستشفيات الجامعية في جنيف أيضا على منع ثلاث طالبات محجبات من الاشتراك في الدورة التدريبية الإلزامية للارتقاء إلى السنة الثانية بالمستشفى الجامعي، وبالمقابل أصدرت المحكمة الإدارية في نيوشاتيل قراراً يؤيد حق تلميذة مسلمة في ارتداء غطاء الرأس في المدرسة بعد أن عانت من المنع منه.
* كيف تستطيع أن توازن بين حياة الأبناء المسلمين في مثل تلك المجتمعات المفتوحة وارتباطهم بالقيم الإسلامية ؟
** لاشك أن هناك تأثيرا سلبيا في ذلك إنما كذلك يوجد كثير من المسلمين ههنا يهتمون بقيمهم الإسلامية ومبادئهم الدينية ويحاولون تطبيقها على الأبناء .

* وهل للأزهر دور في سويسرا؟
** لا.. للأسف ليس هناك دور للأزهر في سويسرا يتناسب مع وزنه.

* وماذا عن الوزن الإعلامي لمسلمي سويسرا؟
** الاتجاه للإعلام في سويسرا عموما ضعيف، وحديث، ونحن نحلم بتواجد صحف وفضائيات وإذاعات للمسلمين، ولكنه مازال حلماً لم يتحقق بعد، والمسلمون بكل مقاطعة يجتهدون.
ونحن في مقاطعة "تتشينو" نجحنا في الانفتاح على الإعلام عن طريق المكتبة الإسلامية التي أسستها في عام 1999 م، رغم أن العمل الإسلامي بالنسبة لها قائم منذ فبراير 1992م .

* وماذا عن الوضع الاقتصادي لمسلمي سويسرا؟
** كما هو الحال في جميع البلدان الأوربية، مع الأخذ في الاعتبار أن مستوى الدخل في سويسرا مرتفع جدا، كما أن سويسرا تكفل حق المعيشة المحترمة (دخل شهري أو راتب)، ومازالت هناك بدايات مبشرة، ولكننا لم نحرز في هذا المجال شيئاً يستحق الذكر.

* وما مدى تأثير اللوبي الصهيوني على مسلمي سويسرا؟
** هناك مجموعة تشكك في مصداقية الإسلام، وإمكانية التعايش مع المسلمين، وهناك حملة واضحة للعيان، لكنها أصبحت بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م، أكثر شراسة وأكثر تنظيماً، ومصداقية، حيث نجحوا في تشويه صورة المسلم لدى العامة.
المسلمون حتى اليوم لم يستطيعوا أن يشكلوا "لوبي مسلم" ولكننا استطعنا من خلال تجربتنا السياسية بدخول برلمان "كياسو" فتح المجال لحوار مستمر وبناء مع أعلى سلطة في المقاطعة. وحتى نكون مؤثرين حقا فإننا نحتاج لجهد كبير.