إن قضية العالم الكبرى اليوم هي الإسلام، وهذا من أوضح الأدلة على عظم شأنه، فقبل أربعين سنة لم يمكن بالإمكان أن يجتمع رئيسا دولتين في العالم دون أن يناقشا موضوع الشيوعية، واليوم لا يجتمع رئيسا دولتين إلا ويكون الحديث بينهما عن الإسلام، سمّوه الإرهاب أو سمّوه باسمه، وهذه قضية رغم ما يكتنفها تدعو إلى شيء من التفاؤل، فلو لم يكن لهذا الدين شأن لما تحدثوا عنه، ونحن نتفاءل لأن القضية الكبرى في حياة العالم اليوم هي قضية الإسلام، والبحث يقود الناس للدخول فيه أفواجاً.
ففي أمريكا دخل في الإسلام خلال سنة واحدة بعد أن شنوا حملتهم عدد من دخلوا في الإسلام خلال عشر سنوات، بل نفذت جميع المطبوعات في أمريكا التي تتحدث عن الإسلام حديثاً بالحق أو بالباطل، وقبل ثلاث سنوات كان يشق على المسلمين في أمريكا -كما حدثني بعض قادة العمل الإسلامي- أن يستأجروا ربع ساعة في بعض القنوات الضخمة، أما اليوم فالقنوات الأمريكية وكبرى الصحف الأمريكية تتحدث عن الإسلام، وإن كان حديثهم يصب في الحملة الشرسة ضد الإسلام ولكن العقلاء يبحثون، وبسبب ذلك البحث تسلم المئات.
فالمستقبل بإذن الله للإسلام، وإليكم هذه القصة العجيبة، ذهب بعض الإخوان إلى أفريقيا في حملة دعوية، فقيل لهم: لا يمكن أن تتجولوا في هذا البلد إلاّ بإذن من أحد المسئولين، فذهبوا إليه فإذا هو نصراني، وكان مسئولاً كبيراً في تلك الدولة، فقدموا له خطاباً يطلبون منه أن يتيح لهم المجال للدعوة، فقال ذلك المسئول: ائتوني غداً، فلما جاءوا في الغد، أعطاهم خطاباً بالموافقة، ومعه شيك بمبلغ من الدولارات! فقالوا له: فهمنا الموافقة لأننا طلبنها منك، لكن ما سر هذا الشيك؟ فقال: هذا الشيك إعانة لكم، لأنني على يقين من أن المستقبل للإسلام، فأردت أن يكون لي عندكم يد بهذا.
عرف هذا النصراني أن المستقبل للإسلام، فهو مع كفره كان له نظر سديد، بينما شك وللأسف كثير من المسلمين في هذه الحقيقة، بل أيقن بعضهم بضدها، وكأنهم لم يقرأوا في القرآن: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ).
إن المستقبل للإسلام والله معز دينه ومظهره على سائر الأديان، ولو تركنا نحن نصرته والعمل له، فسوف يأتي الله بقوم آخرين، ولذا فإننا مفتقرون إلى العمل لهذا الدين وأما الدين فإنه غير مفتقر إلينا، نحن نفتقر للعمل لرفعة الإسلام لننال الأجر من الله والثواب الجزيل، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) (المائدة:54)، وقال الله تعالى: (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ) (محمد: من الآية38).
فالمهم أن ننضم لركب المحبين، وأن نعمل لهذا الدين، وعندها سوف يؤذن لليل الليلة الليلاء بالبلج، رغم ما نعيشه من جراحات وآلام، أو ليس الفرج تسبقه شده، أوليس بعد العسر يسراً، أوليس الفجر الصادق يسبقه ليل حالك، فلا ينبغي أن نشك في حقيقة ظهور الإسلام وعلوه ومستقبله الزاهر لما نرى من سحائبه غم عن قليل ستنقشع بإذن الله، إذا ما بذلنا الأسباب والله الموفق، وهو ناصر دينه، مظهر عباده الصالحين.