بركان المنطقة فوهته في العراق

أثر احتلال العراق و انهيار السلطة الحاكمة فيه حدثت تداعيات كثيرة على كافة الأصعدة والمجالات في البلد اتجهت في غالبيتها إلى الهاوية بشكل غير مسبوق وقد حدث ذلك بعد تشقق القشرة الخارجية للنسيج العراقي الذي صمد في السابق أمام كل الصعاب والمحن التي جرت عبر التاريخ، ويعود السبب في هذا الأمر إلى أن المحتل قد جاء بأجندات معدة واستصحب معه عناصر تنفيذ تلك الأجندات خصيصاً لتمزيق اللحمة الوطنية و النيل منها لغرض تجزئة العراق وإنهاء دوره الملموس والمؤثر في المنطقة بواسطة التمثيل السياسي الزائف وإبعاد العناصر الوطنية عن مواقع صنع القرار ومواقع المسؤولية عن أمن الوطن ومواطنيه وإبدالهم بمن تتفق سلوكيته مع مشروع الشر الذي دخل البلاد، وبالتالي وفي المرحلة التي تلت تسلط المحتل وسلطة الزيف التي ركبها بقياساته ومقدراته أصبح الوطنيين والغيارى على مصلحة البلاد والشعب ينظر إليهم بأنهم يغردون خارج السرب بحسب المعطيات الدنيئة التي جاء بها المحتل وتبناها بشغف عملائه من الذين ذممهم للبيع ولا يملكون شيئا غاليا بعد أن باعوا وطنهم وهنا امتاز أبناء الشعب إلى فريقين واحد ضد الاحتلال والآخر معه ولما كان على الدوام فاقد الشيء لا يعطيه فقد تفاقم غيظ وحقد المتعاونين مع الاحتلال والذين ارتبطت مصائرهم بمصيره ضد الفريق الأول ولعدة أسباب منها معنوية ومنها مصيريه فمن تلوثت يداه بمال الشعب يحقد على من تعف نفسه، وكذلك من تلطخت يداه بدماء الأبرياء من أبناء الشعب من خلال العمليات المشتركة يدا بيد مع العدو المحتل وممارساته الإجرامية والبذيئة فإنه لا يستطيع العودة للصف الوطني، ولذا تجدهم مقنعين لا تظهر سوى أعينهم التي لولا حاجتهم للنظر لغطوها كذلك لأنهم باتوا مطلوبين للغيارى والأحرار من أبناء البلد الذين لم يرتضوا على أنفسهم قبول الظلم والعدوان على الأنفس والأعراض والأموال والحقوق من زمرة المحتلين وأعوانهم وبالطبع أيضا سيتحركون ضدهم من خلال استهداف المحتلين ولمن معه بحسب طبيعة الخلاف
وهذا مفترق طرق رئيسي يحدد الموقف
من الاحتلال معارض ولو بفكره وقلمه
أو بقلبه ومؤيد بنفس المعطيات وهذا
هو سبب كل ما جرى للجميع وعليه يبنى موقف جميع الأطراف فالذي فقد ولده أو أخاه أو عرضه أو ماله أو كرامته يرى في الطرف الثاني مسؤولاً أو مسببا لما جرى له وما حصل عيه الأخير تجاه ما فقده الأول إلا من رضاء سيده المحتل عليه وأنها لعلامة القبول بما لا يشرف الغيارى ومن ينظرون بحسره لما آل إليه حال بلدهم وزاد الشرخ اتساعا خطيرا من خلال الدفع بتبني أبناء تلك الروافد الشعبية من الموقف تجاه مشروع الاحتلال فتجد أن رموز طائفة معينه تدفع باتجاه تقوية المشروع وقد يكون الغرض هو الحلم بالحكم
هوس السلطة بغض النظر عن ماهية مقوماتها وطنية من عدمها وتلك مشكلة
كبيرة إذ إن أطرافاً أخرى سيسقط بيدها أن أولئك قد خانوا البلاد، وأنهم مرتضون لما حصل ويحصل لأبناء الشعب، وطبعا سيرى المسايرون أن المعارضين أعداء لهم ويصمونهم بحسب ما يراهم المحتل كإرهابيين وإلخ من التسميات المقرفة ولن يترددوا بالدفاع عن أولياء نعمتهم فيندفعون في مشاريع جديدة من التصفية والإبادة والزج في السجون وتسرقهم السكينة حتى يكونوا قد أصبحوا مطلوبين لغالبية شعبهم إذ ليس هنالك شيء عمومي بالعراق وفق التصرف إلا بموجب الوطنية الحقة فهنالك الكثير من أبناء أعراق وطوائف وصفت أنها مع المحتل ولكنهم أنفوا من الارتماء لهذا الانتساب العمومي المقيت فتجدهم مع إخوانهم من الوطنيين أكثر ألفة وانسجاما حتى من أهلهم الذين ارتضوا لنفسهم الذل والهوان.
كما أن الذي يجري بالبلاد اليوم إضافة لبحور الدم وقتل الأبرياء وانتهاك الحرمات والحقوق والأموال يجري إلى جانبه كذب كثير وتزييف وتشويه للحقائق حول كثير من الأدوار لاسيما دور الوطنيين من الشعب الذين هم ضد المحتل وأعوانه وليس هذا بغريب فقد حدث في كل البلدان التي احتلت بالسابق ومنها العراق نفسه ولا ننسى أن الإخوة الوطنيين والمقاومين في الجزائر أيام احتلالها تعرضوا للكثير من ذلك من قبل المحتل والخونة الذين سايروه لغرض تشويه سمعتهم ونشر الأكاذيب حولهم عسى أن يكرههم إخوانهم من أبناء الشعب ليفكوا غطاء الحماية لهم وفشلوا في ذلك وتحررت البلاد ومعها شعبها الكريم ورفع رموزه الوطنية ووضع الخونة والأنذال في مواضع الخزي والعار لهم ولمن سار على نهجهم المريض .
فالأخطاء قد توالت والممارسات السيئة والكارثية أصبحت سمة للوضع في العراق اليوم والمصيبة قد حلت وسط عزلة العراق عن بقية أشقائه بلا إمكانية ملامة أحد؛ لأن الوضع هنا مشوش والأوراق مخلوطة عمدا ولا أحد يستطيع التحرك باتجاهه وأقلام التاريخ مبراة ولن ترحم أحدا فكلا الفريقين يريد الدعم وبرغم أحقية الفريق الوطني المناوئ للاحتلال بالدعم ولو المعنوي منه إلا أنك تجد الكثير من ذوي الشأن من إخواننا
حكام العرب الذين عليهم واجب شرعي تجاهنا، ولكن الله مع الحق على الدوام ،ولا بد منتصر لأهله، ونسأله _تعالى_ أن يجنب كل بلداننا العربية ما جرى لنا وأن تعود لحمتنا العربية والإسلامية رغم أنوف الكارهين

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته