التعامل مع المتغيرات!
2 جمادى الثانية 1426

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
حينما يريد الإنسان استشراف الحاضر لابد له ومن غير تردد أن يلجأ إلى دراسة الماضي ومتغيراته ليحيط علما بمنحى الكثير من الأمور التي يعسر فهمها على الذين ينظرون من ثقب ضيق وبنفسٍ قصير، ونحن لا يراودنا شك في أن الحاضر واستجلاء مستقبله لهو من الأمور المهمة لكن من العسير علينا أيضاً الاتجاه بكليتنا إلى ذلك الحاضر دون وعي بذلك بالماضي، على الأقل لاستخلاص الدروس وإعمال النظر في ما يمكن إصلاحه أو تلافيه إن حدث من الأخطاء ما حدث.

والمسلمون اليوم – وللأسف – فرطوا في معرفة الماضي واستجلاء الحاضر فلا أمسكوا برأس العتيق ولا حصلوا على جسد الجديد، وهذه مشكلة تتجلى في تعامل المسلمين مع المتغيرات، وتفريطهم في إحداث نهضة دينية حرم منها الشرق والغرب، كل ذلك جرّاء تقاعسنا وكأننا أصبحنا أهون الناس على الناس.

العالم اليوم يئن وينتظر الخلاص، لا نقول ذلك جزافاً، بل هو الحقيقة الماثلة أمام العقلاء والناس في حاجة إلى من ينقذهم إلى من يخلصهم إلى من يغير من القيم المنحطة والحضارة المتهدلة التي يتجرعون ويكرعون من كأسها وغيها ليل نهار.
ولكن كيف الخلاص............ ومن المخلص!!!

هذا التساؤل لا يطرح نفسه كبديل جاهز دون تعمق في دراسة الأوضاع العالمية ومعرفة البدائل الحقيقية، ومن هذه البدائل أن الإسلام هو الوحيد القادر على الهيمنة على كل أديان وحضارات العالم، ولا نتردد إن قلنا أديان العالم إذ أن التغيرات العالمية وظهور الحقائق الفطرية جعلت الناس تتفهم الكثير من الحقائق والأكاذيب والزيوف التي أزكمت القلوب قبل أن تزكم الأنوف، ومن هنا بدت الشيوعية في أمرض حالاتها وأوهن عزائمها كما بدت الحضارة الغربية متمثلة في الديموقراطية أنها أشبه بالشاب الكسيح الذي ينتظر من الآخرين الإشارة والإشادة به على أنه هو الأقدر على رسم الحلول وتقديم الوصفات السحرية للعلاج والتخلص من ضغوطات الحياة وويلات الانحطاط الحضاري. ولكن هيهات هيهات....!

فقد أثبتت هاتين العقيدتين وهذين الفكرين المنحلين فشلهما في المفاهيم والأفكار وفي الطرح الحضاري وفي الواقع الأخلاقي وما تمخض عنه من مآسي حضارية واجتماعية لا يمكن قياس آثارها في وريقات أو كلمات معدودة لا على المدى القريب ولا على المدى البعيد.

ولا نشك لا اليوم ولا غد ولا بعد غد، إن قلنا بأن تفريط المسلمين في نقل عقيدتهم والتفاني في إيصالها إلى أمم الأرض قاطبة سيجعل العالم عرضة للويلات والحروب والتجويع الذي لا يعلم مداه إلا الله تعالى.

والخلاص يكمن في نشر الإسلام كعقيدة وتطبيقها في ميدان الحياة وهذا ما فعله الصحابة الكرام والتجار المسلمون في الأعصار السالفة والمتقدمة فجمعوا بين خيري الدنيا والآخرة!!!
والمخلص بلا شك هم المسلمون أبناء هذه الرسالة السماوية العظيمة.
والله ولي التوفيق.