التربية التكاملية

التربية التكاملية


(((خلل)))

يدرك غالب الناس نوعية التربية التي تلقاها هذا الطفل أو ذاك، لا سيما إذا كان في التربية نوع خلل، والمربون أكثر إدراكاً لذلك.

ومن أنواع الخلل الموجودة لدى بعض الأطفال: نزوع فئة من الذكور إلى الميوعة، والتأثر بوالدته أو أخواته اللاتي يكبرنه سناً، بسبب ضعف احتكاكه بأبناء جنسه، وهذا المثل ينطبق على بعض الفتيات، وإن كان في صفوفهن أقل، وعلى ذلك فنحن بحاجة إلى تربية تكاملية تنمي صفات الرجولة في الطفل، مع وجود شيء من العاطفة وحسن التعامل مع الآخرين فيه، وأيضا تنمي صفات الأنوثة في الفتاة، مع عقل راجح دون إغراق في العاطفة.



(((من الأسباب)))

السبب الرئيس بلا شك هو نوعية التربية التي تلقاها ذلك الطفل، فقد يكون ذكراً بين بنات، أو بنتاً بين ذكور، أو يكون فاقداً لوالده بطلاق أو وفاة وبقي مع أمه التي تغرقه بوابل من العواطف الناعمة، ولا تجعله يحتك بأبناء جنسه خوفاً عليه فهو وحيدها، وربما كان والده موجوداً لكنه مشغول بدنياه، فصار كأنه غير موجود.


(((في الصميم)))

قام مجموعة من علماء النفس في أمريكا بدراسة على مدى عشرين عاماً، تم فيها حصر الصفات الموجودة في الرجل والمرأة، ووجدوا أن هناك 32 صفة مشتركة بينهما، و32 صفة خاصة بالرجل، و32 صفة خاصة بالمرأة، (الأهرام ص2 في 29/2/2001)
وصدق الله "وليس الذكر كالأنثى".

فلما كانت صفات الذكر تختلف عن الأنثى جعل الله –تعالى- الوالدين يتوليان تربية أبنائهما؛ ليبقى الابن متردداً بين والدين لكل منهما جانب مكمل للآخر، فالأب يقوم بدور الحزم ودور اللعب والمرح الحركي والتوجيه المباشر وغير المباشر و.. وغيرها من الأدوار المنوطة به في مهمته التربوية، والأم تقوم بدور العاطفة والرحمة والعناية المباشرة، وصاحبة سر الطفل و... وغيرها من الأدوار المختلفة.
وحينما يخل أحدهما بدوره في تربية ولده فإنه سيسري على الابن –ذكراً كان أم أنثى-، وليس غريباً على اليتيم أن يوجد لديه خلل في تربيته؛ لأنه فقد أحد والديه، بيد أن التاريخ يشهد أن فقد الأب –وإن كان عسيراً- فإنه أيسر من فقد الأم، وكم قرأنا وسمعنا عن أيتام الأباء، تولت أمهاتهم رعايتهم ، فخرجوا لنا مبدعين في علوم شتى، وما الإمام أحمد –رحمه الله- إلا أحد هذه النماذج الكثيرة، ولعل جزءاً كبيراً من ذلك يرجع إلى حرص تلك الأمهات على سد الخلل الذي يحصل بسبب فقدان الأب، والتاريخ يحفظ معروف تلك النسوة للأمة، ولا عجب –إذن- أن يكون للأم قبل الأب ثلاثة حقوق.
وعوداً على موضوعنا: فإن الخلل الذي نراه في كثير من الأبناء إنما يحصل بسبب الأبوين أو أحدهما.


(((أمثلة)))
من ذلك عدم اهتمام أحد الأبوين بالتربية الصحيحة، وإنما يعامله كيفما اتفق الحال.

أو الجنوح إلى تربية غير سوية، بتعويد الطفل على السلوك السيئ.

وأيضاً كون أحد الأبوين يحتاج إلى تقويم سلوكه هو.

ومن الأمثلة أيضاً: إهمال أحدهما لابنه، فالأب يلقي بكامل التربية على الأم، ويعيش حياته خارج المنزل مع أصدقائه، تاركاً أطفاله لأمهم، ثم هو يعاتبها في أي خلل يحدث من أولاده.

وقد تولي الأم التربية للخادمة أو المربية، ناسيةً دورها الجوهري في ذلك.

وأيضاً من الأمثلة: إدخال الأجهزة التي تجهز على ما تبقى من تربية في نفوس الأبناء من فطرة سوية، وتنزع الحياء لتتولى تلك الأجهزة بشتى أنواعها دور تربية الأبناء.

وكذلك قد يتولى التربية الشارع أو الأصدقاء وربما الأقارب، خصوصاً في عوائل متواصلة لدرجة أنهم كل مساء يجتمعون لتبادل الأحاديث تاركين أولادهم في عالم منعزل، حتى إذا انتصف الليل عادت كل أسرة إلى مضاجعها منهكة القوى، فلا يكاد يلتقي الأب بأبنائه إلا قليلاً.


(((الأعوان)))
وهذا لا يعني بحال أن تقتصر التربية على الوالدين دون أن تشارك فيها مؤسسات أخرى أو مربون من غير الأسرة!!
فالنفس بطبعها اجتماعية وتحب الاحتكاك بالأقران والآخرين، والعزلة التامة في المنزل خلل يجب تجاوزه، لهذا كان لابد للوالدين من أعوان على التربية، قد يكون لهم أكبر الأثر على الأبناء، بل إن كثيراً من الأبناء يسمع من أصدقائه –لا سيما مدة المراهقة- أكثر من والديه.
ولذلك كان لا بد أن يختار الوالدان لأبنائهما أصدقاء صالحين، يربطونهم بهم بطرق لسنا في مجال تعدادها، وأيضاً يختارون لهم مدرسة جيدة، وحلقة قرآن متميزة، وتنتقى لهم برامج حاسوبية وأشرطة فيديو مناسبة تعين على تتميم التربية التي يقوم بها الوالدان وتكميلها.

هذا ما أردنا بالتربية التكاملية، والتي تنمي الجوانب الإيجابية في نفس الطفل أو الابن، وتزرع أو تسقي ما يضعف منها، وتجتث الجوانب السلبية بطرق متنوعة.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد.