من منكرات الأعراس
6 رجب 1438
عبد الرحمن البراك

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين؛ أما بعد:

فإن من المعلوم أن كلًّا من الرجال والنساء فتنةٌ بعضُهم لبعض، ولذا أمر الله المؤمنين بغض أبصارهم وحفظ فروجهم، وأمر المؤمنات بغضِّ أبصارهن وحفظ فروجهن، ونهى المؤمنات عن إبداء زينتهن لغير أزواجهن ومحارمهن، وإن كانت فتنة الرجال بالنساء أعظم، ولذا كانت فتنتهن أضرَّ على الرجال من كل فتنة؛ كما أخبر بذلك الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم، وسبب هذه الفتنة بين الرجال والنساء ما ابتلى الله به كلًّا من الجنسين من الغريزة التي ينجذب بها إلى الآخر.

 

ومن رحمته تعالى أن أباح لهم النكاح، وأمرهم به، وحرم عليهم الفواحش، ونهاهم عن قربانها، {وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ}، فسدَّ سبحانه كل طريق يجر إلى الفاحشة؛ من النظر والاستماع واللمس والمشي، وسمَّى النبي صلى الله عليه وسلم كل ذلك زنى؛ فقال: "العين تزني وزناها النظر، والأذن تزني وزناها الاستماع، واليد تزني وزناها البطش؛ -أي: اللمس-، والرجل تزني، وزناها الخطى" فالواجب على المؤمنين والمؤمنات أن يستجيبوا لله ولرسوله، ويصونوا أنفسهم عما يدنسها مما حرم الله عليهم رحمة بهم، {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا}.

 

وفي هذا المقام أحذر من تلك الظاهرة المقبوحة التي بدأ بعض الناس يفعلها، وهي: استئجار رجل يغني للنساء ليلة العرس خارج مكانهن، ويستمعن له بواسطة مكبر الصوت، ويشاهدنه في صورته في الشاشة التي تنصب هناك، ويذكر أن مع المغنِّي في المكان المخصص له رجالا يضربون الطبول، وفي مكان النساء امرأة تغني بطريقة الترادّ مع المغنِّي فهذا العمل صورة من صور الاختلاط غير المباشر، وهو لا يقلُّ شرًّا عن الاختلاط المباشر، بل هذا يجرُّ قطعًا إلى الاختلاط المباشر؛ فإنه مشتمل على السماع المحرم من الجانبين، والنظر المحرم من جانب النساء، وإثارة العواطف من الجنسين، ولا يبعد أن النساء الحاضرات يصفقن للمغني ويرقصن على غنائه، ومن المعلوم أن المرأة تفتتن بغناء الرجل كما يفتتن الرجل بغناء المرأة، ومن أدخل هذه العادة السيئة على مجتمعنا فله حظٌّ من قوله صلى الله عليه وسلم: "من سن في الإسلام سنة سيئة، كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده، من غير أن ينقص من أوزارهم شيء".

 

ويجب على أولياء النساء أن يمنعوا نساءهم من حضور مثل هذا الاحتفال؛ صيانة لأعراضهن وأخلاقهن، فإن حضوره من شهود المنكر والرضا به، كما يجب على الأولياء أن يكفوا نساءهم عن الاختلاط بالسيئات من النساء، وعلى جميع المؤمنين والمؤمنات أن يتقوا الله، ويجتنبوا كلَّ ما نهى الله عنه ورسوله صلى الله عليه وسلم، ويتوبوا إلى الله، كما أمرهم بذلك في قوله: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}، وصلى الله وسلم على محمد.